جنازة جوتا و«إللّي اختشوا ماتوا»

جنازة جوتا و«إللّي اختشوا ماتوا»

المغرب اليوم -

جنازة جوتا و«إللّي اختشوا ماتوا»

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

ديوغو جوتا لاعب كرة قدم برتغالي يلعب لصالح نادي ليفربول الإنجليزي، لقي حتفه المفاجئ، هو وشقيقه الأصغر أندريه، بسبب حادث سيّارة على حدود إسبانيا، قبل أيام.

وفاة اللاعب أحدثت موجة من الحزن، داخل البرتغال خصوصاً، وخارجها أيضاً، هذه الموجة استدعت اهتماماً إعلامياً، وهو أمرٌ متوقّع بخصوص لاعبٍ دولي ونجمٍ رياضي.

إلى هنا، والأمور ضمن سيرتها العادية، بعد ذلك جرى ما هو غير عادي، أو غير مقبول لدى أغلب الناس الأسوياء.

صحيفة «الصن» البريطانية، ذكرت أنه بعد الانتهاء من مراسم تشييع جوتا وشقيقه، في الكنيسة، بحضور الأهل وبعض الأصدقاء، تمّ فتح موقع الدفن أمام الجمهور لإلقاء النظرة الأخيرة، لكنّ بعض الزوّار استغلوا اللحظة لالتقاط صور بجانب القبر، كما تسببت تصرفات البعض في حالة من الفوضى؛ ما استدعى تدخّل الشرطة لتفريق الحشود وتنظيم المشهد.

الشرطة البرتغالية تدخّلت لكبح الفوضى بعد ساعات فقط من دفن الشقيقين في بلدة غوندومار، بعدما بدأ بعض المشجعين في التقاط صور بجانب قبر اللاعب بطريقة وُصفت بأنها «غير محترمة».

هواة «صناعة المحتوى» تدفقوا على قبر جوتا، و«هاتك يا تصوير» وبث مباشر، وحين منعتهم الشرطة عن ذلك، كفّوا عن هذا الصَّنيع، حتى غادرت الشرطة - فهي لن ترابط للأبد بقربِ قبر! - تدفّق المئاتُ من جديد إلى المقبرة، و«هاتك يا تصوير»!

هذا المشهد القبيح، الخالي من وقار المناسبة وجلال المشهد، يكشف عن «توحّش» البشر اليوم، لصالح تقديم القرابين إلى أصنام المنصّات، التي أقامت أنموذجها التجاري على معادلة واضحة:

أكثر لنا من أرقامنا، نُكثر لك من أرقامك!

أي كُلّما نجحت، يا صانع المحتوى، في جذب المتابعين، وإحداث التفاعل، وحصد الإعجابات (اللايكات) مُنحت المال والمزايا من هذه المنصة أو تلك، علاوة على انكباب المعلنين عليك، من كل هامّة ولامّة، الحديث صار عن ملايين الدولارات شهرياً، لشاب تافه وامرأة أتفه!

هذا التوحّش، على جذب الانتباه والأتباع، ولُعاب جوع الشرَه المتقاطر من أشداق «صُنّاع المحتوى» هؤلاء، سببه أن «الطوطم» المعبود في كهوف «السوشيال ميديا» (أصحاب المنصّات من الشركات الكُبرى) لا يرضيهم من القرابين البشرية إلا أكثرها إثارة، جنازة، عزاء، احتضار، مرض، طلاق، قتل... إلخ.

لذلك نرى مسّ الجنون هذا أصابَ جملة كبيرة من الناس، فقرّر التقاعد عن حالة العقل، ونزع برقع الحياء، والقفز إلى مستنقعات الخبَل، والهبَل، فما نفعُ الحياء!؟ وكما قِيل قديماً في المثل المصري: «إللّي اختشوا... ماتوا».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنازة جوتا و«إللّي اختشوا ماتوا» جنازة جوتا و«إللّي اختشوا ماتوا»



GMT 15:13 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

وثائق وحقائق

GMT 15:11 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

متى يصمت المحللون والمعلقون؟!

GMT 15:08 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

عن السلم والإذلال والمسؤوليّة الذاتيّة

GMT 15:05 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

قسمةُ ملايين

GMT 15:03 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

جهة أخرى يعلمها الله!

GMT 15:02 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

إعلان إفلاس

GMT 15:01 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

وللناس رأي

GMT 17:50 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

"أون" تبدأ عرض مسلسل "أبو العلا 90 " لمحمود مرسي

GMT 13:20 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الملك محمد السادس يبعث برقية عزاء في رئيس تشاد

GMT 07:47 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

بطولة الخريف

GMT 00:31 2017 الأربعاء ,06 أيلول / سبتمبر

الكشف عن تفاصيل ألبوم شيرين عبد الوهاب المقبل

GMT 13:02 2022 الأحد ,26 حزيران / يونيو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل تهزّ "سوق الجملة" في مدينة تطوان المغربية

GMT 06:41 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الكوكب المراكشي في "قفص الاتِّهام" بسبب مِلفّ السعيدي

GMT 12:37 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بوصوفة يشيد برونارد ويعتبر المدرب الأفضل بإفريقيا

GMT 05:08 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

"فورد" تطلق سيارتها الحديثة "موستانغ ماخ إي" الكهربائية

GMT 11:03 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة اسماعيل الحداد لا تدعو إلى القلق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib