عن الاستراتيجية الأميركية للذكاء الاصطناعي

عن الاستراتيجية الأميركية للذكاء الاصطناعي

المغرب اليوم -

عن الاستراتيجية الأميركية للذكاء الاصطناعي

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

 

عبر منتدى النخبة الأميركية التي باتت تشكلها جماعة التقنية الأميركية المعاصرة في منتدى «هيل آند فالي» بالعاصمة واشنطن، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الأسابيع الماضية عن الملامح العريضة لخطة الولايات المتحدة، والخاصة بمستقبل الذكاء الاصطناعي.

يعتبر سيد البيت الأبيض أنه في خضم تحول جيوسياسي تاريخي، يشهده النظام العالمي، فإن هناك ما يستلزم أن تطور الولايات المتحدة نهجاً للسياسة الخارجية يعطي الأولوية للهيمنة التكنولوجية كجزء من أهدافها الأساسية.

ليس سراً في هذا السياق القول إن واشنطن ومنافسيها يسعون بشكل متزايد في طريق الاستفادة من الذكاء الاصطناعي كوسيلة لإبراز القوة، ولهذا تؤمن جماعة «ماغا» أن إدارة ترمب بدأت بالفعل تحولاً زلزالياً في نظرتها للعالم، غير أنها في حاجة إلى استراتيجية شاملة لضمان استمرار الهيمنة العالمية لمجموعة التقنيات الأميركية.

يصعب أن نحيط علماً بكل ما في الاستراتيجية عبر بضعة سطور، لكن يمكن إجمال خطة الرئيس ترمب بالقول إنها تمثل مساراً نحو الريادة الأميركية.

وفي الخطوط العريضة نجد أن لكل مواطن أميركي، وشركة، وجامعة، ومؤسسة، دوراً يؤديه من أجل عصر جديد من الرخاء والقوة، وترسيخ شعار «أميركا أولاً».

ما الذي تخطط له خريطة طريق هذه الاستراتيجية؟ في جوهرها تعمد إلى إعادة تشكيل النظام العالمي، وإبراز النفوذ الأميركي كرافعة لاستقرار العالم، أي الإصرار على فكرة «القرن الأميركي» المرسوم منذ عام 1997، من قبل جماعة المحافظين، ما يعني أن هناك بالفعل دولة عميقة ترسم لهذه الإمبراطورية مساقاتها، وتبرز مساراتها، مهما تغيرت الإدارة ساكنة البيت الأبيض.

تنظر إدارة الرئيس ترمب للذكاء الاصطناعي كأداة أساسية للحوكمة والبنى التحتية، وفيه ستكون الشراكات بين القطاعين العام والخاص حاسمة، لاستدامة القيادة الأميركية، ومن هذا المنطلق سيتحتم على واشنطن أن تضع قواعد التعامل لتوجيه مستقبل الذكاء الاصطناعي العالمي.

يلفت الانتباه في الحدث أنه جرى في القلب من المجموعة المؤثرة في صناعة التكنولوجيا، لا سيما الرقمية منها، ذلك الحشد الذي خاطبه ترمب بوصفهم «مجموعة الأذكياء... قوة العقل»، من رواد الابتكارات التقنية، وأصحاب رؤوس الأموال المغامرة، والمليارديرات الأميركيين البارزين، وعلى رأسهم، الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا» جنسن هوانغ، ورئيس قسم التكنولوجيا في شركة «بالانتير»، الذراع الطولى للمجمع الصناعي العسكري الأميركي، شيام سانكار، إلى جانب فريق بودكاست وادي السيليكون الشامل الذي يقدمه ديفيد ساكس، الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة في البيت الأبيض.

في كلمته اعتبر ترمب أن أميركا يجب أن تعود إلى ما سماه «بلداً يكافأ فيه المبتكرون بالضوء الأخضر، لا أن تخنقهم البيروقراطية، فيمنعوا من الحركة والتنفس».

ترتكز خطة ترمب على ثلاثة أوامر تنفيذية، الأول يعرف بالذكاء الاصطناعي المستقر، ويلزم أي شركة تتلقى تمويلاً فيدرالياً بالحفاظ على نماذج الذكاء الاصطناعي خالية من «العقائد الآيديولوجية» مثل التنوع والإنصاف والشمول.

أما الأمران الآخران فيركزان على تحرير الأنظمة، وهو مطلب رئيسي لقادة التكنولوجيا الأميركيين الذين اتخذوا موقفاً متشدداً بشكل متزايد بشأن الرقابة الحكومية.

يبدو واضحاً أن ما يهم الإدارة الترمبية موصول بجعل أميركا قوة تصدير لبرامج الذكء الاصطناعي المتعددة، مع التركيز على إلغاء القواعد التي وضعتها إدارة بايدن، وتضمنت حواجز حول تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل آمن.

والشاهد أنَّ مجرد ذكر اسم بايدن يأخذنا، قسراً وجبراً، إلى خطابه الوداعي الأخير، حيث أطلق «بوق القرن» تحذيراً مما سماه «المجمع التقني» أو الأوليغارشية التقنية، التي تعمل جاهدة على اختطاف الديمقراطية الأميركية، كمكافئ موضوعي مقابل، للمجمع الصناعي العسكري، الذي حذر منه الرئيس أيزنهاور في خطاب وداعه عام 1961.

الاستراتيجية التي نحن بصددها لا يبدو طريقها معبداً، فهي تحتاج بداية إلى بناء مراكز بيانات هائلة في جميع الولايات الأميركية، الأمر الذي يتطلب قدراً هائلاً من الطاقة، لا بد معه من الاستعانة بالفحم من جديد، ما يعني تلويثاً مؤكداً لكوكب بات يئن بالفعل من الاحتباس الحراري قبل الوصول إلى الغليان.

من جهة ثانية، تحتاج هذه المراكز إلى مقادير هائلة من المياه اللازمة للتبريد، وهذا يعني أنها قد ترهق مصادر المياه في المناطق التي قد لا يتوفر فيها فائض كافٍ.

هل بات العالم أمام تقنين أوضاع «الديكتاتور الخالد»، ذاك الوصف الذي خلعه بطريرك السياسة الأميركية هنري كيسنجر على الذكاء الاصطناعي؟ ولماذا تعلو الأصوات في الداخل الأميركي معارضة لسطوة حكم الأقلية التكنولوجية، عبر تلك الاستراتيجية، وتطالب بضمانات لتجنب الوقوع في كارثة التحول إلى الطاقة النووية في «ثري مايل آيلاند»؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الاستراتيجية الأميركية للذكاء الاصطناعي عن الاستراتيجية الأميركية للذكاء الاصطناعي



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 19:13 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة
المغرب اليوم - ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة

GMT 17:33 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

باراغواي تعلن فتح قنصلية عامة في الصحراء المغربية
المغرب اليوم - باراغواي تعلن فتح قنصلية عامة في الصحراء المغربية

GMT 22:34 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

نتنياهو يؤكد أن قطاع غزة لن يشكل تهديدا لإسرائيل
المغرب اليوم - نتنياهو يؤكد أن قطاع غزة لن يشكل تهديدا لإسرائيل

GMT 17:49 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها
المغرب اليوم - بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها

GMT 19:34 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب
المغرب اليوم - الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب

GMT 15:55 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 02:18 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

سهام العزوزي تتوج بلقب مسابقة "ميس أمازيغ" في دورتها الخامسة

GMT 14:13 2016 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فرقة «رضا» تتألق في الأقصر عاصمة السياحة لعام 2016

GMT 23:59 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

تعرف على تفاصيل طلاق "أبو جاد" وزوجته سارة

GMT 19:07 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الكرنب يحتوي على مغذيات تحارب مرض الخرف

GMT 13:24 2019 السبت ,01 حزيران / يونيو

ودي تكشف عن موديلات S من سياراتها Q5 وA6 وA7

GMT 14:44 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

حرّاس صدام حسين يكشفون تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياته

GMT 07:20 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

الأغذية منخفضة الكربوهيدرات تسهم في علاج السكري

GMT 16:22 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

العروبة الإماراتي يتعاقد مع ياسين الصالحي لموسم واحد

GMT 20:51 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تستعد لتنظيم بطولة العالم للجمباز بمشاركة إسرائيلية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib