الأستاذ أسامة سرايا والسردية الوطنية

الأستاذ أسامة سرايا والسردية الوطنية

المغرب اليوم -

الأستاذ أسامة سرايا والسردية الوطنية

عبد المنعم سعيد
بقلم : عبد المنعم سعيد

هناك أمران لهما علاقة بعنوان المقال: أولهما حديث قبل أسبوع وهو إشهار «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» التى أخيرا فعلتها معالى الوزيرة القديرة رانيا المشاط أن تضع المسألة التاريخية فى «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» التى جمعت دقائق ما حدث فى مصر خلال السنوات العشر الماضية من خلال منظومة تجمع ما حدث وتكون فخرا لجيل مصرى جديد. لم تزدحم السردية بمساجلات فترات مصرية سابقة ليس استهانة بما جرى، وإنما التطلع إلى المستقبل الذى أصبح الآن أكثر أهمية. فى السابق كثيرا ما طلبت أن توجد مثل هذه الرواية المتكاملة التى تنظم محركات المرحلة المقبلة وعندما جاءت كانت فى ثياب «التوازن المالى» و«التدفق الاستثمارى» و«ريادة القطاع الخاص» و«ماكينة الصناعة» و«التصنيع والنقل»، وربما أهم من ذلك كله كان تكثيف المكانة الاستراتيجية لمصر مع زيادة قدراتها التنافسية. شارك فى الفضل دولة رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى ملخصا ما كان ومتطلعا لما سوف يأتى، ومعه حزمة من الوزراء، لعل أبرزهم ديناميكية معالى كامل الوزير الذى نطقت خرائطه بالمدى الذى وصلت إليه مصر بعد ما كانت وما سوف يأتى على طريق السردية التى بدت منطقيتها وتسلسل أدائها سائرة إلى المستقبل.

والثانى قديم حيث الأستاذ أسامة سرايا الذى تلازمنا سويا فى الأهرام العريقة منذ منتصف السبعينيات؛ كنا قادمين من منبعين مختلفين، الصحافة من جيل كان فيه د. عمرو عبد السميع رحمه الله وأ. عماد أديب، ومجموعة من الموهوبين صاروا أعلاما فيما بعد. منبعنا كان كلية الاقتصاد والعلوم السياسية التى انتهت بنا إلى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الذى كانت مهمته دراسة ما يجرى فى مصر والإقليم والعالم. كانت المسارات متوازية لكنها مختلفة فى السرعة، وفى وقتها كان الأستاذ متخصصا فى الصحافة الاقتصادية مسجلا تحقيقات مثيرة. ولكن لقاءنا الكبير حينما تزاملنا فى وقت أصبح فيه رئيسا لتحرير الأهرام، بينما أصبحت رئيسا لمجلس إدارة المؤسسة. كانت العلاقة متينة وإن اختلفت فيها الآراء أحيانا، ولكن النجاح كان حليفنا حتى قامت الثورات فى مصر، فأصبح علينا أن نصل بالمؤسسة إلى بر الأمان. وبعد أعوام عاد كلانا إلى مائدة كتابة الأعمدة التى فى العادة تمثل طلقات فكرية تميز فيها صاحبنا.

فى يوم الأربعاء الماضى كان عمود أ. أسامة سرايا تحت عنوان «الذهب الأحمر الأسيوطى..!» الذى عرض فى موسم جنى «الرمان» فى مركزى البدارى وساحل سليم فى محافظة أسيوط باعتباره نوعا من الذهب الأحمر الذى باتت له سمعة فى أسواق العالم نظرا لتميزه بالحلاوة العالية وانخفاض نسبة الحموضة. ما لفت النظر فى هذا التميز أنه جزء من «سردية إنتاجية» تخص مجتمعات مصرية منتجة ومنافسة فى السوق العالمية ولها عائد دولارى مرموق نظرا لطبيعة السلعة ذات القشرة السميكة التى تجعلها قليلة التلف وقابلة للتصدير وساعية نحو صناعة المركزات إلى آخر ما يخرج من نتائج إيجابية. هذا النوع من السردية يذكرنا أولابأن لدينا ٢٧ محافظة، وكل منها يتكون من مراكز، وفى كل حالة سوف نجد أنواعا من المنتجات المتميزة القابلة للمنافسة عالميا. بعد المحليات يجعل «السردية المصرية للتنمية الاقتصادية» أكثر غنى مما نتصور. وثانيا أن السردية الوطنية التى عرضت توا يمكن تفريعها إلى سرديات متنوعة على مدى المعمور المصرى ومميزاته المختلفة، وما يمكن تحقيقه من تنافس سنوى حول الإنتاجية والعائد والنصيب من الناتج المحلى الإجمالى.

هنا فإن الأستاذ أسامة سرايا يعود إلى تقاريره الاقتصادية الصحفية السابقة لكى تصب فى منظومة «السردية المصرية» لفترة السنوات العشر السابقة ليس فقط فى الإنتاج المادى، وإنما ما لا يقل أهمية أن يكون أيضا فى طريقة التنظيم والتقدير. التنظيم يكون على المستوى المحلى حيث يصل إلى «جيوب» المواطنين عائد تفوقهم وما يحققونه من تراكم رأسمالى، والتقدير يأتى من القدرة الفائقة للقطاع الخاص على زيادة الإنتاجية ليس فقط على «الرمان»، وإنما على ما يتشعب عنه من منتجات جاهزة تكثف من صادراتنا ومواردنا الدولارية. الأمر كله فى النهاية يفرخ الكثير من الطاقة الإنتاجية وتوابعها الاقتصادية التى تكون لها نتائج اجتماعية، حيث الإنتاج والتصنيع والتصدير تتواكب مع بعضها.

الصورة المصرية هكذا أكبر كثيرا مما نعتقد أو مما يبدو عليها الأمر فى المحروسة، ولعله فى النهاية والسردية الوطنية قائمة فى الذاكرة تسفر عن سرديات أخرى تقوم على ما فى مصر من تنوع ومزايا. التنوع ليس قائما على الشمال والجنوب، والسواحل والبر، وادى النيل وصحراوات مصر المنتجة، وكل ذلك يخلق علاقات جدلية بين الأقاليم المختلفة. التى لعلها تستشف الإمكانيات الكامنة تحت الأرض لو كانت آثارا وفوقها إذا كانت مصانع، وفى البحر حيث الجزر والسياحة مع التمايز القائم ما بين الساحل الشمالى وسواحل البحر الأحمر. والخلاصة أن ما جدت به السردية، وما استخلصه منها الصحفى المتميز فينزل به إلى القرى والمراكز والمحافظات والأقاليم فإذا به يكتشف كنوزا وقدرات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأستاذ أسامة سرايا والسردية الوطنية الأستاذ أسامة سرايا والسردية الوطنية



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا

GMT 13:24 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

''فريد غنام'' يطرح فيديو كليب ''الزين الزين''

GMT 20:55 2022 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جوجل تطمح لتقديم خدماتها بألف لغة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib