إشكالية الإعلام

إشكالية الإعلام!

المغرب اليوم -

إشكالية الإعلام

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

الإعلام المعادى لمصر يقوم أولا على جماعة الإخوان المسلمين وفروعها فى الداخل والخارج؛ وثانيا على الجماعات الحقوقية والليبرالية العالمية وتابعيها فى الداخل المصرىى؛ وثالثا على دول وجدت فيما يحدث فى مصر معارضا لمصالحها. وجميعهم يستخدم على نطاق واسع وسائل التواصل الاجتماعى والمواقع الإلكترونية المختلفة أولا لبث المحتوى السابق على مدار ساعات الليل والنهار؛ وثانيا للتشكيك فى كل ما تنجزه الدولة المصرية وتعبر به عن سياساتها. وجميعهم أيضا يستخدم التليفزيون وقنواته المختلفة، وبينما يستحوذ الإخوان على قنوات مثل «الشرق» و«مكملين»، فإن الحقوقيين يظهرون على قنوات «الجزيرة» و«العربى» و«العربى الجديد»؛ كما أنهم يستغلون، وعلى نطاق واسع، المحطات التليفزيونية الأجنبية مثل «البى بى سى» البريطانية، و«دويتش فيلا» الألمانية، و«الحرة» الأمريكية، و«فرانس 24» الفرنسية. والتقدير هنا أن هناك مركزا لدى الإخوان المسلمين للتخطيط للحملات الإعلامية سواء كان ذلك فى إطار استراتيجى عام أو تكتيكى يخص كل موقف جديد على حدة. فاللغة والمنطق المستخدم يشهد بكلمات متشابهة، وجمل متماثلة، وبناء معمارى للخطاب الاتصالى واحد.

المحتوى المناصر للدولة المصرية سردا وقصة فيه الكثير من القوة ولكن الضعف يأتى من استخدام الأدوات للتعبير عنه. السردية المصرية تقوم على أولا أن مصر عرفت ثلاث سنوات من الثورة والقلاقل، ومع ذلك فقد خرجت منها دون حرب أهلية، ومشروع كبير للإصلاح والنهضة. وثانيا أن ما حدث فى 30 يونيو كان ثورة مصرية عظمى وتاريخية استعانت بالقوات المسلحة لإنقاذ البلاد من المصير الذى وصلت إليه بلدان فى المنطقة. وثالثا أن ما حدث فى 30 يونيو وما بعده كان مواجهة مع جماعة إرهابية حاولت شل الحركة المصرية نحو الإصلاح باستخدام أدوات إرهابية للقتل والحرق، وشل القدرة على البناء من خلال المظاهرات والاعتصامات وإثارة أشكال مختلفة من الفوضى. ورابعا أنه رغم استمرار الإرهاب سواء كانت تقوم به جماعة الإخوان المسلمين أو جماعات أخرى، فإن مصر نجحت فى تحجيم الإرهاب على أرضها دون استعانة بدول العالم الأخرى.

.. وخامسا أن المشروع المصرى المجسد فى «رؤية مصر 2030» دخل دور التنفيذ من خلال توافق مصرى على القيادة حتى عام 2030 والذى بات من أهم علامات الاستقرار والاستمرار، ومن ثم التنمية التى تقوم على الثبات الاستراتيجى والحفاظ على الحدود المصرية، ونقل التركيز المصرى من نهر النيل إلى البحار المختلفة، ومد يد الدولة شرقا وغربا، وإدارة الثروات المصرية الطائلة بدلا من إدارة الفقر، والإنتاج من أجل التصدير وليس الإحلال محل الواردات فقط، وتنمية الطاقات الناعمة المصرية بقدر تنمية طاقات مصر الصلبة، وتجديد الخطاب الدينى.

المفارقة الكبيرة هنا أنه رغم وجود السردية والقصة الممتازة فى المحتوى؛ فإن أدوات ترجمتها اتصاليا لا تقوم بدورها. فالحقيقة أن مصر الدولة لديها أدوات اتصالية هائلة مكونة من مجمع المحطات التليفزيونية فى ماسبيرو، ومجمعات من الصحف القومية فضلا عن الصحف المستقلة والخاصة الوطنية، ومدينة للإنتاج الإعلامى، والهيئة العامة للاستعلامات، ومجموعة من القنوات التليفزيونية والصحفية التابعة للدولة، وأخرى من خلال شركات خاصة، وشبكة كبيرة من قصور الثقافة، ومراكز الشباب، وعدد كبير من السفارات والقنصليات والتمثيل الدولى فى الخارج. ومصر من ناحية أخرى لديها شبكات إعلامية حليفة مثل العربية وMBC السعودية، وسكاى نيوز الإماراتية. ولا يقل أهمية عن ذلك كله أن مصر كانت ومازالت لديها أكبر تجمع عربى للقوة الناعمة من الكتاب والمؤلفين والموسيقيين والفنانين التشكيليين والإعلاميين.

هذه القوة الجبارة تفتقد أربعة أمور: أولها العقل المفكر استراتيجيا وتكتيكيا والذى يحول المحتوى إلى أفكار معبرة ومستقرة. وثانيها التناغم بين كل هذه الأدوات فى عملها الاتصالى بحيث تعبر فى النهاية عن معزوفة واحدة تنقل الرسالة إلى المرسل إليه فى الداخل والخارج. وثالثها المصداقية النابعة من وسائل التعبير المناسبة، فما يمكن وضعه فى مقال صحفى لا يصلح بالضرورة أن يكون عملا دراميا والعكس صحيح. ورابعها أن كثيرا من الأدوات السابقة تعانى بشدة من الاختلال المالى، والعمالة غير المنتجة، والتشاحن الداخلى.

معالجة أوجه القصور هذه يمكن أولا من خلال المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بحيث لا يكون جهة «رقابية» إضافية للقضاء والرقابة على المصنفات الفنية؛ وإنما مركزا للمحتوى وتحديده استراتيجيا من حيث الرؤية العامة، وتكتيكيا من حيث التفاصيل اليومية، استلهاما من رؤية القيادة السياسية و«رؤية مصر 2030» ومعرفة نبض الشارع المصرى من خلال دراسات واستطلاعات للرأى العام. وكذلك تحقيق التناغم المطلوب ما بين الأدوات المختلفة داخليا وخارجيا وإدارته بحيث يحقق هدف الرسالة الإعلامية. وثانيا تحويل الشركات الاتصالية العامة تليفزيونيا وصحفيا وإلكترونيا إلى شركات قابضة تكون للدولة فيها أغلبية الأسهم، بينما تطرح بقية الأسهم للمساهمات الخاصة التى تشمل الإدارة والتشغيل والتسويق. هذه الشركات الاتصالية القابضة تكون ممثلة فى المجلس؛ وعلى اتصال مستمر به. وثالثا أن هامش الحرية الاتصالية يحتاج درجة من الاتساع والصبر والبناء الدقيق والنظرة الاقتصادية للأمور وانتهاز الفرص والبحث عن الأنصار والحلفاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إشكالية الإعلام إشكالية الإعلام



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 08:58 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية
المغرب اليوم - الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا

GMT 13:24 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

''فريد غنام'' يطرح فيديو كليب ''الزين الزين''

GMT 20:55 2022 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جوجل تطمح لتقديم خدماتها بألف لغة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib