بقلم : عبد المنعم سعيد
بعد أسبوع من الانتصارات الدبلوماسية الفلسطينية المتوالية الناجمة عن توالى الاعترافات بالدولة الفلسطينية كانت خاتمتها اجتماع دونالد ترامب مع مجموعة من الدول العربية والإسلامية، وما أفاده من سعى لوقف إطلاق النار وإقامة إدارة قطاع غزة لا تشارك فيها حماس التى تتخلى عن سلاحها، مصحوبا بانسحاب إسرائيلى تدريجى من كامل القطاع، مع تعهد أمريكى برفض ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها إلى إسرائيل والحفاظ على الأوضاع المتفق عليها بصدد المقدسات الإسلامية فى القدس. لم يكن مفهوما عما إذا كان الرئيس الأمريكى قد نسق هذه النتائج مع إسرائيل أم لا؛ أو أن إسرائيل قد اطلعت عليها بوسائلها الخاصة وهى كثر. وهكذا بات انتظار خطاب نيتانياهو ملحا بالبحث عن إجابات تمثل إسرائيل فى هذا المنعطف فى مسيرة حرب غزة الخامسة والقضية الفلسطينية فى عمومها، وأكثر من ذلك السير فى طريق عودة المفاوضات المباشرة والبحث عن تسوية وسلام؟ لم يكن فى كل ذلك سر، ولكنه مع ذلك لم يقل جديدا أمام قاعة الجمعية العامة الباردة بعد أن غادرتها غالبية ساحقة من الدول الأعضاء.
ألقى نيتانياهو خطابه كما لو كان يلقيه أمام مئات الألوف من النظارة؛ وعلى أى حال فإنه كان حريصا على إذاعة خطابه فى شوارع غزة علها تصيب الفلسطينيين باليأس، وتصل إلى المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس فى الأنفاق لعلها ترفع من معنوياتهم. الخطاب يحتوى على خطين متوازيين: الأول أن إسرائيل الضحية أمام التاريخ المعادى للسامية اليهودية؛ والتى حاليا تواجه إحاطتها كما يحيط السوار بالمعصم بالكراهية والإرهاب الذى جسدها هجوم 7 أكتوبر؛ وقيام سبع جبهات بحصار إسرائيل فى جميع الاتجاهات. والثانى أن إسرائيل باتت من القوة والمنعة بحيث باتت «سوبرمان الشرق الأوسط» الذى يقيم إسرائيل الكبرى ويعيد تشكيل الشرق الأوسط، والذى يهدد كل دول المنطقة بمصير غزة. الخطان كانا فاضحين فى ألفاظهما النارية الثقيلة الحاملة على من خان إسرائيل بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.