ترمب في الأمم المتحدة

ترمب في الأمم المتحدة

المغرب اليوم -

ترمب في الأمم المتحدة

عبد المنعم سعيد
بقلم : عبد المنعم سعيد

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لديه أسباب كثيرة لكي لا يحب الأمم المتحدة. أولاً، لأنها تقع في نيويورك التي رغم أن عائلته وثروته وشهرته تكونت فيها، فإنها لم تصوّت له قط حتى أنه قرر الذهاب إلى فلوريدا، حيث يوجد قصره في مارا لاغو. وثانياً، لأن المناخ السياسي والفني في المدينة ليبرالي يقترب - من وجهة نظره - من الاشتراكية الفاشلة في كل شيء. وثالثاً، أن الأمم المتحدة تقف أمام كل المعتقدات السياسية التي يؤمن بها؛ فهي التجسيد لفكر «العولمة» والدبلوماسية المتعددة الأطراف، وهي مشكَّلة من بيروقراطيين يحصلون على مرتبات مبالَغ فيها دونما فائدة عملية؛ ومع ذلك يدخِلون أنفسهم في كل ما ينبغي للسوق أن تحققه في الاقتصاد والسياسة. ورابعاً، أن الأمم المتحدة فضلاً عن عدم قدرتها على حفظ الأمن والسلم الدوليين؛ فإنها تتدخل فيما لا شأن لها به مثل حرارة الكوكب من خلال ادعاء «الاحتباس الحراري» الذي هو ظاهرة طبيعية ترتفع فيها الحرارة وتنخفض منذ كانت الأرض موجودة. وخامساً، أن الأمم المتحدة تتدخل في مجال السياسات العامة مثل التعليم والصحة والثقافة بما يضر بالإنسان، ومن ثم كان من أوائل سياساته العامة الانسحاب من معاهدة باريس الخاصة بالمناخ، ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة. وسادساً، فإن الأمم المتحدة تغالي كثيراً في تحديد نصيب الولايات المتحدة من موازنة المنظمة الدولية والذي يبلغ 22 في المائة، بخاصة أنها تشجع على سياسات مناهضة لمصالح الدول الأعضاء مثل تلك المرتبطة بالهجرة واللجوء، وبخاصة تلك التي يقوم بها الرئيس الأميركي.

رغم هذا الموقف «المبدئي» من قِبل ترمب إزاء الأمم المتحدة، فإنه محافظ على تقاليد خطاب رئيس الولايات المتحدة إلى الجمعية العامة إبان انعقادها السنوي، فإنه ألقى خطابه الذي هاجم فيه المنظمة، ثم بعد ذلك الدول الحليفة الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتلاها بقية دول العالم التي لا تتبع سياساته العامة والاقتصادية بخاصة. الحكمة العامة في الخطاب أن الأمم المتحدة لم توجد من أجلنا، أي شعوب العالم، وإنما من أجل النخبة الليبرالية العالمية التي أفسدت دولها وبعد ذلك ذهبت بالفساد ذاته إلى العالم كله. التهمة الأولى التي شنّها على الأمم المتحدة في عيدها «الثمانيني» كانت عدم الكفاءة التي جعلت ترمب يواجه صعوبات في الصعود على السلم الكهربائي المؤدي إلى قاعة إلقاء الكلمات؛ والأخطر أن تجهيز «التليبرومبيتر» الذي يقرأ منه خطابه لم يعمل، ومن ثم كان عليه القراءة من خطابه الورقي الذي كان لا يمنحه الكثير من التلقائية! الأمم المتحدة فضلاً عن عدم قدرتها على إدارة شؤونها، فإنها لم تقدم نجاحاً في التعامل لا مع الحرب الأوكرانية ولا حرب غزة؛ ولا أي نزاع دولي آخر.

لم يخلُ خطاب ترمب من الطرافة التي جاءت من لقائه على السلم الكهربائي الذي لا يعمل لمدة 39 ثانية مع الرئيس البرازيلي لويس إغناسيو لولا دا سيلفا الذي يتعارض فكرياً في كل الأمور مع الرئيس الأميركي. على قصر المدة، فإن شرارة «الحب» جرت بين الرئيسين حتى تعانقا. المعنى السياسي للقصة لم يكن واضحاً عما إذا كان عن سمو العلاقات الإنسانية على الخلافات الآيديولوجية أو أنها تعبير عن سخرية الأقدار. الخطاب رغم ذلك كان فيه ما يشير إلى توجهات جديدة أكثر جدية في التعامل مع واقع العلاقات الدولية؛ وكانت الحرب الأوكرانية أولها. ومن المعلوم أن ترمب كان موقفه أثناء حملته الانتخابية استند إلى قدرته على إنهائها خلال 24 ساعة؛ نظراً لعلاقاته الوثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبعد دخوله إلى البيت الأبيض وبَّخ سياسات الرئيس الأوكراني؛ لأنه وهو لا يملك أوراقاً يعتد بها عليه أن يسلم أراضي أوكرانية إلى روسيا. والآن بعد «مؤتمر ألاسكا» مع بوتين، والتطورات الجارية في الحرب، حيث تكثفت الهجمات الروسية حتى بلغت طيران المسيَّرات في أجواء ليس فقط أوكرانيا بل في غيرها. لم ينجح ترمب في إقرار السلام، ومن ثم فإن قراره بات استئناف تقديم العون إلى أوكرانيا ما دام أن دول أوروبا الأطلنطية سوف تدفع التكلفة!

الأمر الآخر اللافت للنظر جاء عابراً لواقع أن دورة الجمعية العامة الحالية ظللها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وخارج الأمم المتحدة رفض ترمب ذلك، ولكنه داخلها ركز على تحميل «حماس» مسؤولية استمرار الحرب؛ لأنها لم تطلق سراح الرهائن. لم تكن الدولة الفلسطينية موضوعاً لترمب وإنما غزة والعودة إلى محاولة وقف إطلاق النار فيها، والعمل من أجل مستقبلها بعد التشاور مع مجموعة من الدول العربية والإسلامية. المسكوت عنه لم يكن الدولة الفلسطينية وحدها وإنما ما يحدث في الضفة الغربية أيضاً؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب في الأمم المتحدة ترمب في الأمم المتحدة



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا

GMT 13:24 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

''فريد غنام'' يطرح فيديو كليب ''الزين الزين''

GMT 20:55 2022 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جوجل تطمح لتقديم خدماتها بألف لغة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib