مرة أخرى لماذا لا نفوز بكأس العالم

مرة أخرى: لماذا لا نفوز بكأس العالم؟

المغرب اليوم -

مرة أخرى لماذا لا نفوز بكأس العالم

عبد المنعم سعيد
بقلم : عبد المنعم سعيد

 

ربت على كتفى وعندما التفت وجدت القدير الأستاذ حسن المستكاوى الكاتب والناقد والمؤلف الرياضى يقول: لماذا لا نفوز بكأس العالم؟ لم نكن قد التقينا منذ فترة طويلة؛ ولكن السؤال كان منبها لمقال نشرته فى الأهرام الغراء يوم الجمعة 16 يناير 1990 بعد أيام قليلة من عبور مصر إلى بوابة كأس العالم للمرة الثانية بعد 56 عاما من المشاركة الأولى فى 1934.

كان الصحفى والمعلق البارز يذكر ويفكر كما اعتاد فى أعظم الأمور بمناسبة عالية المقام بالنسبة لى. وقتها كنت باحثا وخبيرا وقائدا لوحدة العلاقات الدولية فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية؛ ولا أكتب فى الأهرام إلا فى المساحات الأسبوعية المخصصة للمركز. لم تكن أدوات الاتصال قد انتشرت بعد بالطريقة التى نشاهدها الآن والتى تجند العاملين فى المركز للتعليق والتحليل لقضايا السياسة والاقتصاد والاستراتيجية الجارية فى مصر وإقليمها العربى والشرق أوسطى والعالم. كانت كرة القدم أكثر شهرة بكثير؛ وبالنسبة لى فقد كانت متابعة المباريات وخاصة تلك التى ترتبط بالنادى الأهلى ومبارياته الإقليمية، والفريق القومى، تشكل نوعا من المعالجة العصبية والنفسية لأمراض الدنيا. أيامها لفت نظرى ما قاله مدرب الفريق محمود الجوهرى عَقِب مباراة العبور إلى كأس العالم أنه يأمل لمصر فى جميع توجهاتها أن تصعد وتنهض إلى الدرجة التى تليق بها. كان الربط بين الفوز فى المباراة الحاسمة وتقدم مصر مفاجئا وهاديا بالنسبة لى أن العالمين فى مجال الرياضة وكرة القدم بصفة خاصة ليسوا كيانا منفصلا عن الأمة، ويعيش حياة تطارد وتروض كرة علها تصل إلى هدف.

كانت بداية العقد الأخير من القرن العشرين ملهمة أنه لم يبق لمصر وقت طويل لكى تعاود مجدها مرة أخرى وخاصة أن عقد الثمانينات لم يكن من العقود المبشرة رغم كونه العقد الذى عادت فيه الأراضى المحتلة كاملة إلى حضن الوطن؛ إلا أنه فى الواقع كان العقد الذى بقيت فيه مصر بعيدة عن جامعة الدول العربية، واستولى فيه الإخوان على السياسة، وشركات توظيف الأموال على الاقتصاد، وحلت الخرافة مكان الفكر، والشعوذة بدلا من العلم. اختراق هذه الحالة بفريق كرة القدم وقتها كان إعلانا عن الإمكانيات البشرية المصرية التى باتت بعد عقود طويلة من الوصول الأول إلى كأس العالم فى العصر الملكى يمكنها أن تحقق ما كان يعتقد باستحالته. أصبح السؤال ببساطة هو لماذا لا نفوز بكأس العالم فى كل الأمور؛ وباختصار لماذا لا ندخل إلى المشاركة فى المنافسة الدولية التى بدت آنذاك مع انتهاء الحرب الباردة مقبلة على مرحلة تاريخية جديدة عنوانها «العولمة».

كتبت المقال تحت هذا العنوان، ومشيرا فى المضمون إلى هذه الفكرة. كنت محظوظا بالصدفة التى جعلت الأستاذ إبراهيم نافع رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة يعتذر عن عدم كتابة مقاله الأسبوعى يوم الجمعة. وللعارفين من الأهرام فإنه منذ كانت مقالة الأستاذ محمد حسنين هيكل تحت عنوان «بصراحة» تهز مصر ومعها العالم العربى فإن مساحة الجمعة تصبح لها أهمية خاصة. نشر المقال فى المكانة السامية وإذا بى أشهد مولدى كصحفى وكاتب مقال فى الصحيفة الغراء بعد أن طلب 44 مواطنا من «سويتش» الأهرام رقم تليفونى للاتصال بى. كانت الصلة بين وصول مصر إلى كأس العالم والبحث عن إمكانية أن يكون ذلك شاملا لمصر واضحة فى حديث كل من اتصل. وكما أن لكل واقعة جوانب كوميدية أحيانا فإن تصدى خبير فى مركز الأهرام لقضية مركزية جماهيرية مثل كرة القدم كان من الخطايا التى لا تغتفر. جرى الهجوم ورسم الكاريكاتير على «عبده الاستراتيجى»، والتلسين على من يتصدون لأمور لا معرفة لهم بها. لم ينقذنى من الهجمة إلا شرف مكالمة من عميد نقاد الرياضة المصرية الأستاذ الجليل نجيب المستكاوى الذى حدثنى مقدرا لما كتبت وأيضا شارحا للحقائق الرياضية التى لا تقل صعوبة عن الحقائق التى تعوق الوطن فى الحصول على استحقاقاته.

كان ذلك مدعاة لعلاقة صداقة مع الزملاء وحتى أهدانى الفنان «عليش» «بورتريها» شخصيا أعتز به حتى الآن. القضية ذاتها ظلت باقية لماذا لا نفوز بكأس العالم؟ ولماذا لا نلحق بدول كنا فى صفها وأحيانا سابقين عليها فإذا بها تتقدم الصفوف علينا؟ مضى الآن علينا 35 عاما على الواقعة جرت فيها الكثير من المياه تحت الجسور، وبعضها كان رائقا والآخر كان عكرا، ولكن ما نعرفه فى العصر الحالى فإنه لأول مرة فى تاريخ مصر نصل إلى كأس العالم مرتين خلال ثلاث دورات متتالية، أى فقدنا دورة واحدة فقط. فى نفس الوقت فإن جميع المؤشرات العامة للدولة المصرية تشهد بتراجع معدلات النمو السكانى؛ والانخفاض المتتالى للأمية، وارتفاع مؤشر العمر المتوقع عند الميلاد. العصر الحالى عرف تحقيق العديد من الأحلام من أول شق قناة سويس جديدة إلى تحقيق حلم د. فاروق الباز فى شق نيل جديد مواز للنهر الخالد فى الصحراء الغربية، بينما نشق الأنفاق إلى سيناء فى الشرق. قائمة التقدم طويلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرة أخرى لماذا لا نفوز بكأس العالم مرة أخرى لماذا لا نفوز بكأس العالم



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 14:25 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

غارات إسرائيلية توقع قتلى وجرحى في خان يونس ومدينة غزة
المغرب اليوم - غارات إسرائيلية توقع قتلى وجرحى في خان يونس ومدينة غزة

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib