بقلم - عبد المنعم سعيد
سماء الأخبار مزدحمة بالحديث عن السعى الأمريكى نحو السلام أو احتمالات استئناف الحرب مع إيران، أو تدمير احتمالات وقف إطلاق النار فى غزة. هناك عقبات يصعب تجاهلها، أولاها: التقلب الشديد فى السياسة الأمريكية، وكانت فضيحة «ووترجيت» قد قاطعت جهود نيكسون وكيسنجر لتحويل فرصة ما بعد حرب 1973 إلى سلام شامل. كل ما تعلق بعملية السلام جرى تأجيله حتى جاء كارتر وتمكن السادات من إقناعه أن العملية لن تنجح بعقد مؤتمر دولى يكون فيه للاتحاد السوفيتى وأطراف أخرى حق الفيتو على النتائج، ولا يوجد «سادات» آخر بين الأطراف المتحاربة. وثانيتها: الأداء الفوضوى والمتقلب للرئيس ترامب فى إدارة السياسة الخارجية الأمريكية، وأحيانا غياب فهم الطموحات الوطنية للفلسطينيين للحصول على دولة واستبدال صفقة إنسانية بها تخرجهم من ديارهم، وإقناع دول أخرى باستقبالهم، وهو صيغة أخرى للتطهير العرقى.
وثالثتها: إنه ليس من المؤكد أن حرب غزة الخامسة، وحرب الاثنى عشر يوما الإيرانية/ الإسرائيلية/ الأمريكية قد وصلت إلى نهايتها. مع ذلك، فإن إيران التى تقود النضال ضد إسرائيل ذات أيديولوجية راديكالية مستمدة من «الإسلام السياسى» مضافة لها ثقافة فارسية مستقرة وماكرة تستطيع استخدام الصبر الفارسى ليس فقط لصناعة السجاد، وإنما أيضا للبناء البطيء للهندسة النووية، وفى نفس الوقت لمحور المقاومة والممانعة. باختصار هناك احتمال قوى لاستئناف القتال فى جولة أخرى. ورابعتها: إن إسرائيل فى حالتها الحالية، حيث يولد التعصب الدينى الراديكالى طموحات لابتلاع غزة والضفة الغربية مستخدمة وسائل التدمير الشامل والإهانة الجماعية، ليس من الأمور السهلة النسيان، والإغراء بالسلام الإبراهيمى الذى يشمل السعودية لن يكون كافيا لوقف هذه الطموحات. وخامستها: إن الولايات المتحدة قوة عظمى عالمية متعددة المصالح، ورغم الأهمية المركزية التى يحصل عليها الشرق الأوسط، فإن التاريخ لا يبقى على حاله. الحرب الأوكرانية مرشحة للانتقال إلى مرحلة الانفجار الكبير، ويعيش العالم مرحلة من الاحتضار البيئى التى عندها تصبح نزاعات الشرق الأوسط مسألة ثانوية.