بقلم - سليمان جودة
علقت إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن ليس هذا هو الخبر بالضبط، وإنما الخبر أنها فعلت ذلك بقانون مرره البرلمان لا بقرار، وصدّق الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان على القانون!
كان يكفى أن يقرر الرئيس تعليق التعاون مع الوكالة، وأن يكون ذلك بقرار يمكن العودة عنه عند الضرورة، ولكن تمرير قانون فى البرلمان لا يحتوى إلا على بند واحد أمر غريب وجديد. البند يقول إنه لا رجوع عن التعليق إلا بضمانة لحماية المنشآت النووية الإيرانية والعلماء الإيرانيين. وهذا يدل على أن خسارة طهران على المستويين خلال حربها مع الولايات المتحدة وإسرائيل كانت كبيرة ومؤلمة.
وقد أدى تصديق الرئيس بزشكيان على القانون إلى صدى غاضب عالميًا، ورأت فيه أوروبا أنه يمثل أمرًا كارثيًا، ولكن هذا لم يمنع الإيرانيين من المُضى فى التعليق، ولا من الإعلان عن ذلك على الملأ بغير خشية من أحد.
وليس سرًا أن وكالة الطاقة الدولية التى من المفترض ألا تنحاز إلى دولة على حساب دولة، قد سمحت لنفسها بأن تتحول إلى مخلب قط ضد الإيرانيين!، فلم يجد رافائيل جروسى، مدير الوكالة، أى حرج فى أن يصبح ألعوبة فى يد الأمريكيين والإسرائيليين.. إن الوكالة إحدى منظمات الأمم المتحدة، وبهذا المعنى فإنها عندما تمارس مهمتها من مقرها فى ڤيينا، فإنها تفعل ذلك لتحقيق الهدف الذى قامت من أجله المنظمة الأم فى نيويورك، وهو حفظ السلام والأمن الدوليين دون تفرقة بين دولة ودولة عند ممارسة هذا الدور.
وإذا كانت إسرائيل قد استهدفت إيران يوم ١٢ يونيو، ففى اليوم السابق مباشرةً صدر تقرير عن الوكالة يقول إن طهران خالفت التزاماتها النووية، وبدا واضحًا أن التقرير صدر ليكون سلاحًا فى يد إسرائيل تستخدمه.. وهذا ما حصل فعلًا.
ولا تعرف كيف يملأ مدير الوكالة الدنيا ضجيجًا، لأن إيران خالفت أو خرقت معاهدة الانتشار النووى، ثم لا يرى شيئًا فى أن تملك إسرائيل سلاحًا نوويًا بالفعل، لا أن تخالف المعاهدة أو تخرقها فقط!
وربما لهذا السبب كان رد الفعل الإيرانى قويًا، وكان إصدار القانون والتصديق عليه إعلانًا صريحًا من الحكومة الإيرانية بأنها لن تضع يدها فى يد الوكالة التى يجرى توظيفها إلى هذا الحد، ثم كان القرار إعلانًا مضافًا بأن الوكالة صارت أمريكية إسرائيلية أكثر منها دولية.. وليس ما قامت به الوكالة نفسها لتبرير غزو العراق ببعيد عن ذاكرة كل واحد فينا.