بقلم - سليمان جودة
كنا نظن أن ليبيا هى الدولة العربية الوحيدة التى توجد بها حكومتان تتنازعان السلطة، فإذا بنا أمام ثلاث دول من ذات النوع! ففى بلد العقيد القذافى، حكومة فى العاصمة طرابلس فى الغرب يترأسها عبدالحميد الدبيبة، وفى مقابلها حكومة أخرى فى بنغازى فى الشرق يترأسها أسامة حماد، وبينهما يعيش الليبيون موزعين بين هذه وتلك! وعندما تتابع الحال فى بلد نفطى مثل ليبيا، تجد أن المستوى الذى يعيشه المواطن الليبى لا يمكن أن يكون مستوى حياة فى بلد ينتج النفط ويصدره.
ولكن ماذا يفعل البترول فى دولة تتصارع فيها حكومتان، وترى كل حكومة منهما أنها الأحق بالحكم، وتتصرف على أساس أنها صاحبة الثروة التى تعود من إنتاج النفط وتصديره؟.. لا شىء!. وفى اليمن حكومتان: واحدة شرعية يعترف بها العالم وتتخذ من عدن فى الجنوب مقرًا لها، وأخرى تهيمن عليها جماعة الحوثى وتتخذ من العاصمة صنعاء مقرًا لها.
وهذا الوضع نشأ فى ٢٠١٤، ولا يزال قائمًا إلى الآن، ولا تستطيع الحكومة الشرعية دخول عاصمة البلاد، ويعيش اليمن ممزقًا بين الحكومتين! الطريف أن اليمن اشتهر فى كتب التاريخ بأنه «اليمن السعيد»، ولا بد أن أبناءه يتلفتون حولهم بحثًا عن هذه السعادة، أو حتى عن شىء منها، فلا يجدون إلا السراب! ولا تكاد العين تعبر من الشاطئ الشرقى للبحر الأحمر حيث يقع اليمن، إلى الشاطئ الغربى حيث يقع السودان، حتى ترى أن الأمر نفسه انتقل إلى السودان وكأنه عدوى، وانضم الأشقاء السودانيون إلى طابور الدول ذات الحكومتين!.
فالحكومة الشرعية تمارس عملها من الخرطوم، بينما أعلن محمد حمدان دقلو، الذى يقود قوات الدعم السريع ويقاتل بها الجيش السودانى، تشكيل حكومة ثانية فى دارفور غرب البلاد! لاحظ أن الحكومتين فى ليبيا ليبيتان، وفى اليمن يمنيتان، وفى السودان سودانيتان!.. فالحكومة الموازية فى كل بلد من البلدان الثلاثة لم يشكلها عدو من الخارج، ولكن الذين شكلوها يحملون جنسية البلد نفسه وينتمون إليه نظريًا على الأقل!.. ولا تجد وصفًا لهذا الوضع المحزن أدق من الآية القرآنية الكريمة التى تقول: «يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ». فالذين يدمرون الدول الثلاث ليسوا أعداء عبروا الحدود، ولا هم كائنات أقبلت من الفضاء!.