تبيع في المواطن وتشتري

تبيع في المواطن وتشتري

المغرب اليوم -

تبيع في المواطن وتشتري

سليمان جودة
بقلم : سليمان جودة

عندما تصل تداعيات الزيادة الأخيرة فى سعر البنزين إلى جيب طبيب يمارس مهنته من سنين، فهذا مؤشر على شيئين: أحدهما أن حال الطبقة المتوسطة التى ينتمى إليها الطبيب قد انحدر إلى درجة مخجلة، وثانيهما أن على الدولة أن تنتبه إلى عواقب ذلك بكل ما لديها من حواس الانتباه.

عليها أن تنتبه لأن الدول تذهب إلى المستقبل بفضل جهد طبقتها المتوسطة على وجه التحديد، لا بفضل جهد الطبقات الدنيا فيها ولا العليا. وعلينا أن نتصور ملامح المستقبل الذى نطمح فيه ونسعى إليه، إذا كان هذا هو حال الطبقة المتوسطة فى البلد.

الدكتور هشام قاسم يعمل فى المهنة منذ تخرجه فى كلية الطب، وقد أدركته حرفة الأدب فراح يقضى أوقات فراغه فى كتابة الأدب، ورغم أنه يعمل عملين كما نرى، فإن صوت أنينه فى الرسالة التى جاءتنى منه موجع ومؤلم.

يقول فى الرسالة عن تجربة عملية إن الحكومة إذا كانت قد رفعت سعر لتر البنزين جنيهين اثنين، فإن سيارات الميكروباص التى تنقل المواطنين من مدينة السلام إلى إحدى المدن الجديدة رفعت الأجرة ثلاثة جنيهات على كل راكب!

بالورقة والقلم تكتشف أن المواطن الذى كان يدفع سبعة جنيهات مثلاً فى الذهاب ومثلها فى العودة، قد أصبح عليه أن يدفع عشرة ذهاباً ومثلها إياباً، فارتفعت ميزانية مواصلات عمله وحدها من 420 جنيهاً إلى 600 فى الشهر. ومعنى هذا أنه سيكون عليه أن يدفع هذا الرقم من جيبه صاغراً، لأنه لا بديل آخر أمامه، ولأن البديل هو عدم الذهاب للعمل، أما الأهم فهو أنه سيدفع رقماً كهذا قبل أن يأكل من مرتبه أو يشرب!

يتساءل الدكتور قاسم: أين المواصلات العامة النظيفة والآدمية التى يمكن للمواطن أن يلوذ بها فى ظل الارتفاعات التى لا تتوقف لسعر البنزين؟.. وإلى متى يبقى المواطن متروكاً فريسة لنقل القطاع الخاص يبيع فيه ويشترى؟.. السؤالان فى محلهما تماماً.. ولكنهما يبحثان عن حكومة تعرف أن مواطنيها لهم عليها حق، وأنها عندما تفرط فى هذا الحق، فهى تفرط فى أول واجبات أى حكومة.

لا سبيل أمام الحكومة وهى تواصل ما تواصله فى أسعار البنزين، إلا أن تعمل بجد فى اتجاه توفير مواصلات عامة تليق بالإنسان، ولا سبيل أمامها إلا أن تعرف أن قراراً مثل قرار الزيادة الأخيرة لا يعنى لدى آحاد الناس سوى المزيد من المعاناة، وهى معاناه تصل بالمواطن أحياناً إلى حد أنه يكره معها حياته، ولا أظن أن حكومة فى الدنيا يسعدها فى شىء أن يكون هذا هو حال الغالبية من مواطنيها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تبيع في المواطن وتشتري تبيع في المواطن وتشتري



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 14:25 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

غارات إسرائيلية توقع قتلى وجرحى في خان يونس ومدينة غزة
المغرب اليوم - غارات إسرائيلية توقع قتلى وجرحى في خان يونس ومدينة غزة

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib