حقيقة «مسلوقة» أم كذبة «مشعوطة»

حقيقة «مسلوقة» أم كذبة «مشعوطة»؟!

المغرب اليوم -

حقيقة «مسلوقة» أم كذبة «مشعوطة»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

هل نبحث عن الحقيقة، أم أن هدفنا تحقيق المتعة، سواء كان الطريق إليها مفروشًا بزهور الصدق أو بعشرات من أشجار الأكاذيب.

كثيرًا ما أقرأ العديد من الحكايات المختلقة، فى جزء كبير منها يكذبها المنطق، وأسارع بتصحيحها ولكن (ولا الهوا)، تعاد كتابة الكذبة وتحظى بعشرات أو آلاف من علامات الترديد والمتابعة وإعادة النشر، بينما الحقيقة تنزوى فى الركن البعيد الهادى، ولا أحد يفكر فى إعادة إرسالها لأحد!!.

الكذبة عادة جيدة الصنع، وتُرضى ذائقة الناس، (سبايسى) حراقة، مليئة بالتوابل، بينما الحقيقة فى الكثير من الأحيان مثل الطعام الصحى المسلوق، تعودنا ألا نتعامل مع المسلوق، إلا ونحن فى حالة مرضية أو لأننا نخشى المرض.

يمتلئ (النت) بعشرات من الحكايات (المضروبة)، والتى كثيرًا ما يتم تكذيبها، ورغم ذلك ومع كل مناسبة يتم الترويج للكذبة ودفن الحقيقة.

كيف تصنع الكذبة؟ حتى تصبح المعادلة معقولة، نضع غالبًا (ملعقة) من الحقيقة مع (كبشة) من الأكاذيب، لزوم تحلية (البضاعة)، لاحظت أن أغلب الحكايات المتداولة تغيب عنها حتى (ملعقة) الحقيقة، لتصبح (الحلة) مملوءة بـ(كبشة) من الأكاذيب.

لديكم مثلًا أغنية (ست الحبايب)، الحقيقة هى أن الشاعر حسين السيد كتبها حبًا فى أمه بعد أن قرر التليفزيون الاحتفال بعيد الأم، وتم تكليف الموسيقار محمد عبدالوهاب بالتلحين، وعلى الفور رشح توأمه الفنى حسين السيد لكتابة أغنية، جاءت كلماتها تقطر صدقًا، وغنتها فايزة أحمد بعد عبدالوهاب، كما ترى أمامك القصة حقيقية إلا أنها بلا تحابيش، ولهذا بحثوا عن (التحابيش)، وملأت تلك الحكاية (النت)، حسين السيد جاء لأمه يوم عيدها، وتذكر فقط وهو على سلم البيت أنه نسى أن يحضر لها هدية عيد الأم، فكتب لها (ست الحبايب)، وسامحته أمه، ولم تسأله (كيف تأتى لأمك وإيديك فاضية؟).

هذه الأيام تسيطر على (الميديا) أغنية ليلى مراد (يا رايحين للنبى الغالى)، الحكاية الطريفة التى لم تحدث أبدا، أن ليلى مراد طلبت من المسؤول عن استوديو مصر منتج الفيلم السماح لها بالسفر لأداء مناسك الحج، رفضت إدارة الاستوديو لارتباطها بمواعيد صارمة فى التصوير، قررت ليلى أن تطلب من الشاعر أبوالسعود الإبيارى أن يكتب لها فى فيلم (بنت الأكابر) تلك الأغنية حتى يعوضها عن الذهاب للكعبة!

والحكاية تخاصم المنطق، الفيلم قائم أساسًا على سفر زكى رستم- جد ليلى مراد- الباشا الصارم الملتزم دينيًا، لأداء فريضة الحج، حتى تمارس حفيدته ليلى مراد حياتها، وتبدأ قصة الحب مع أنور وجدى فى غياب الجد، وتحت مظلة خالها الطيب سليمان نجيب.

حتى كتابة هذه السطور، ليس لدىَّ يقين هل أدت بعدها ليلى مراد الحج فى الواقع أم لا؟ أميل أكثر إلى أنها لم تذهب للكعبة الشريفة، فلا يوجد فى الأرشيف ما يشير إلى ذلك، أما كاتب الأغنية أبوالسعود الإبيارى، فهو يقينًا لم يؤدِ فريضة الحج، كان يخشى السفر بحرًا وجوًا وبرًا، ورغم ذلك كتب أهم وأشهر أغنية عن الحج!!

قال لى ابنه الكاتب الكبير أحمد الإبيارى إنه عندما ذهب لأداء فريضة الحج أقصد (أحمد) واكتشفت الشركة المسؤولة من جواز السفر أنه ابن شاعر (يا رايحين للنبى الغالى)، أصر صاحب الشركة على إعفائه من دفع أى تكاليف إكرامًا لوالده، الحقيقة كما ترى لا تحمل جاذبية، ولهذا سيظل الناس يرددون الكذبة (المشعوطة)!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقيقة «مسلوقة» أم كذبة «مشعوطة» حقيقة «مسلوقة» أم كذبة «مشعوطة»



GMT 15:28 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مسلم ــ شيوعي ــ يساري

GMT 15:24 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مَن يعبر مِن حرائق الإقليم؟

GMT 15:23 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

«الثنائي الشيعي» و«كوفيد ــ 26»

GMT 15:21 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

قتل العلماء أو قتل القوة؟

GMT 15:20 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

الغباء البشري

GMT 15:19 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

صلاح ومحمود «بينج بونج»!

GMT 00:48 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

شيماء الزمزمي بطلة للمغرب في رياضة الجمباز

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:56 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تنصيب ناروهيتو إمبراطورا لليابان رسمياً

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحتضن أول بطولة عربية في مضمار الدراجات «بي.إم .إكس»

GMT 08:59 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تؤكد وجود الكثير من النساء الذين يفقنها جمالًا

GMT 04:17 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الدرك الملكي يحجز كمية مهمة من المواد المنظفة المزيفة

GMT 13:09 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

اليمن: حملة توعية بالحديدة بأهمية حماية البيئة

GMT 15:36 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تشييع جثمان الجنرال دوكور دارمي عبد الحق القادري
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib