«ثاني أكسيد المنجنيز» لطفي لبيب نجم المسافات الكوميدية القصيرة

«ثاني أكسيد المنجنيز».. لطفي لبيب نجم المسافات الكوميدية القصيرة!

المغرب اليوم -

«ثاني أكسيد المنجنيز» لطفي لبيب نجم المسافات الكوميدية القصيرة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

عندما أصيب قبل بضع سنوات بجلطة فى المخ نالت من جهازى النطق والحركة، استضافته إسعاد يونس فى برنامجها (صاحبة السعادة) قال لها ساخرًا: (مفيش مشكلة أنهم وجدوا الجلطة. أنا مستغرب من حكاية المخ دى، من امتى كان عندى مخ؟!)، فى لحظات أحال المأساة إلى ملهاة.


مرات قليلة جدًا التقيت فيها الفنان الكبير لطفى لبيب، وفى كل مرة أشعر بالحب فى عينيه وكنت أبادله نفس المشاعر، لم أكتب كثيرًا عنه، إلا أنه كان لديه يقين بأننى أقدره كمبدع، لأننى فى كل مرة أتوقف أمامه يبهرنى بأدائه الفطرى وأكتب ذلك.

فى افتتاح مهرجان (الجونة) السينمائى أكتوبر الماضى لمحته فى طريقه لدار العرض، ذهبت إليه وقبلته، ابتسم وضحك، وانهمرت الدموع من عينيه، لاحظ هو دهشتى، أجابنى إنها مثل الورود يمنحها فقط لمن يحبهم، فلم أستطع سوى أن أعانقه مجددًا وسبقتنى إليه أيضًا دموعى أقصد ورودى.

 

لطفى من هؤلاء القليلين فى الدنيا الذين تصالحوا مع أنفسهم، يدرك أنه خُلق لكى يحقق النجاح الطاغى فى مسابقات المسافات القصيرة، وهكذا كان يترك بصمة فى أقل مساحة تتاح له، وظل دوره السفير الإسرائيلى فى (السفارة فى العمارة) بطولة عادل إمام وإخراج عمرو عرفة، هو الأهم والأعمق سينمائيًا بين العديد من الأدوار، وهذا الدور تنبع فيه الضحكة من خلال الجدية فى الأداء وهو ما تفهمه بعمق لطفى لبيب.

ربما منذ ٣٠ عامًا أو يزيد التقينا فى أحد مكاتب المخرجين بالإذاعة المصرية، ووجدت الحفاوة تلاحقه من الجميع، سألته لماذا وأنت تتمتع بكل هذا الحب لا يتصدر اسمك الأفيشات والتترات؟ قال لى أنا أعتبر نفسى مثل (ثانى أكسيد المنجنيز) لا أشتعل ولكنى أساعد على الاشتعال، وغالبًا يضعون الأكسجين _ يقصد النجوم _ فى المقدمة، لأن اشتعاله يضمن لهم إقبال الجمهور والإيرادات فى شباك التذاكر، بينما وجودى ربما يلعب دورًا رئيسيًا فى استمرار حالة الوهج، ولكنى منفرد يبدو أننى لا أشتعل، وأضاف ضاحكًا كنت وسأظل سعيد بأننى ألعب دور ثانى أكسيد المنجنيز.

حمل السلاح أثناء تجنيده فى القوات المسلحة بعد هزيمة ٦٧ وشارك فى حرب ٧٣ وظل يحمل بداخله شحنة من الحب للوطن ورغبة عارمة فى تسجيل مشاعره من خلال عمل فنى، وبالفعل كما قال لى كتب سيناريو عن الكتيبة، التى كان هو أحد أفرادها كجندى، واستلهم الشخصيات من خلال الكثير من المواقف التى عاشوها معًا، وكان يكتب يوميًا كل ما كان يجرى أمامه حتى يظل محتفظًا به، وبعد عدة أعوام عاد لأوراقه وكتب رؤية درامية، باسم (الكتيبة). الغريب أنه كما قال لى إنه عرض السيناريو على أكثر من شركة إنتاج واستمع منهم إلى كلمات مديح وإشادة، وأضافوا أنهم ينتظرون الفرصة المواتية لإنتاج الفيلم، مر نحو ٤٠ عامًا على حد قوله ولم تأت بعد تلك الفرصة.

لطفى لبيب ظل ورقة مطلوبة على شركات الإنتاج، حتى بعد أن نال منه المرض، وتراجعت قدراته الصوتية والحركية، وفنان الكوميديا تحديدًا، لو شعر الجمهور بحالة الإشفاق أثناء أدائه فإنه من المستحيل أن يضحك على أى موقف أو (إيفيه).. من الناحية النفسية، تموت تمامًا الضحكة قبل حتى أن تولد. لطفى لبيب ومعه المخرجون الذين ظلوا حريصين على بقائه فى الدائرة لم يقدموا لنا حالة لطفى كإنسان مريض يعانى من عدم قدرته على الحركة، ولكن كان يتقمص ملامح الشخصية الدرامية وهكذا ظل حتى آخر إطلالة له قادرًا على بث الضحكات مهما كانت آلامه عميقة وجراحه نافذة. من الممكن أن تضع لطفى لبيب علميًا تحت تصنيف النمط (الكاركتر) الواحد الذى يتكرر بتنويعات مختلفة، مثل العمالقة زينات صدقى واستيفان روستى وعبد السلام النابلسى، وغيرهم، وهؤلاء رغم تلك الحالة من التنميط، فإننا نظل نطالبهم بالمزيد، هم يطلون علينا من ثقب إبرة ونعيش معهم هذا الضوء الذى لا يخبو، وتظل ضحكاتهم بعد رحيلهم قادرة على إنعاشنا.. وداعًا (ثانى أكسيد المنجنيز)!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ثاني أكسيد المنجنيز» لطفي لبيب نجم المسافات الكوميدية القصيرة «ثاني أكسيد المنجنيز» لطفي لبيب نجم المسافات الكوميدية القصيرة



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 23:15 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر
المغرب اليوم - إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib