دموع «الأرتيست»

دموع «الأرتيست»

المغرب اليوم -

دموع «الأرتيست»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

انتشرت على «السوشيال ميديا» لقطة للفنان محمود حميدة باكياً، بعد أن شاهد مسرحية «الأرتيست» على خشبة مسرح «الهناجر» بدار الأوبرا. كان حميدة يبكي إعجاباً ليس فقط بعد انتهاء العرض، ولكن أثناءه، انفلتت منه أنهار من الدموع.

البطلة الرئيسية هايدي عبد الخالق، وأغلب المشاركين، لهم تجاربهم السابقة كمحترفين، ولكن هذه المرة كان النجاح طاغياً، العرض الذي كتبه وأخرجه محمد زكي لامس شيئاً حميماً داخل كل من تعاطى معه، ووجد فيه حميدة تعبيراً صادقاً عن حال الفنان.

الحكاية واقعية، زينات صدقي واحدة من أشهر نجمات الكوميديا في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، من خلال مساحات درامية محدودة جداً، رشقت في قلوب الناس، كثير من الأعمال الفنية، جمعتها مع نجوم الكوميديا أمثال إسماعيل ياسين وعبد السلام النابلسي وعبد الفتاح القصري، ولا تزال العديد من تلك المقاطع تنبض بالحياة على «السوشيال ميديا»، وتفجر المزيد من الضحكات، كانت زينات قد انزوت عن الأضواء في مطلع السبعينيات، لم يكن لديها أي مورد رزق يحميها من غدر الأيام، وهي مثل أغلب نجوم ذلك الزمان، لم تفكر في المستقبل، تصرف ما في الجيب وتنتظر ما يأتي به الغيب.

كان الرئيس الأسبق أنور السادات لديه ميول فنية، في مرحلة مبكرة من حياته أرسل أوراقه وصورته الشخصية لكل من رائدتي السينما، عزيزة أمير وأمينة محمد، من أجل إجراء «تيست» كاميرا، لم يقع عليه الاختيار في المرتين، ظل السادات من بين أغلب الرؤساء يجيد التعبير الصوتي والحركي، ولم يفقد شغفه بمتابعة الحياة الفنية، وهكذا تذكر تكريمها في عيد الفن، 1976، ومنحها معاشاً استثنائياً ووجه لها الدعوة أيضاً لحضور فرح ابنته؛ لأنه كان من المعجبين بها في شبابه.

كانت مشكلة زينات صدقي أنها لا تملك فستان سهرة يليق بالمناسبة، وتلك حقيقة تناقلتها وقتها الصحف، جزء من الحبكة الدرامية تناول بحثها عن فستان. المسرحية لا تلتزم بكل التفاصيل، تقدم الخطوط العريضة، وتمنح الخيال مساحة للتعبير.

حياة زينات لا تختلف عن أغلب الحكايات التي عرفناها، غضب العائلة والهروب من قيود الأسرة، واحتراف الفن، والانزواء قبل الوصول لشاطئ النهاية.

بكاء محمود أثناء وبعد العرض، وكأنه يرى نفسه في شخصية زينات، روي لي يوماً أن السيدة والدته ذهبت لأداء فريضة الحج، وبدأت تدعو أمام الكعبة بأن يهدي الله ابنها ويبعده عن التمثيل، وعندما سألوها عن اسم هذا الابن المارق، وبمجرد أن قالت محمود حميدة، قالوا لها إنه نجمهم المفضل، في هذه اللحظة، طلبت من ربنا أن ينير أمامه الطريق، كانت أبواب السماء مفتوحة، وهكذا امتد العمر الفني لحميدة أكثر من أربعين عاماً، ولا يزال في مقدمة الصف.

حميدة، على عكس ما يعتقد البعض، دموعه قريبة جداً، أتذكر بعد مرور نحو عام على رحيل صديقه الأقرب محمود عبد العزيز، أدرت ندوة في مهرجان الأقصر السينمائي، شارك فيها ابنه محمد محمود عبد العزيز، الذي كان قادراً على ضبط دموعه، بينما حميدة طوال اللقاء كانت دموعه تتكلم نيابة عنه.

العرض المسرحي «الأرتيست» تلمح فيه قدرة الممثلين على الإمساك بالتفاصيل، خاصة البطلة، التي اقتنصت فقط من زينات نبرة الصوت، وعبرت عن الشخصية بإحساسها، وهو أصعب وأعمق أنواع الأداء، كما أن المخرج برع في استخدام الصمت والإيحاء والإضاءة والموسيقى، فاستحقت المسرحية دموع حميدة ودموع أغلب المشاهدين، وكنت واحداً منهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دموع «الأرتيست» دموع «الأرتيست»



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا

GMT 13:24 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

''فريد غنام'' يطرح فيديو كليب ''الزين الزين''

GMT 20:55 2022 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جوجل تطمح لتقديم خدماتها بألف لغة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib