«كولونيا» ديستوبيا مصرية

«كولونيا».. ديستوبيا مصرية!

المغرب اليوم -

«كولونيا» ديستوبيا مصرية

طارق الشناوي
بقلم : طارق الشناوي

هذا الفيلم يقع فى إطار ما يمكن أن نطلق عليه (الديستوبيا) التى هى نقيض للعالم الافتراضى المثالى على الأرض (اليوتوبيا)، أنه الجزء المظلم والمخيف فى الحياة والذى من الممكن اعتباره المعادل الموضوعى (للكابوس) فى مواجهة الحلم، (المدينة الفاسدة) وعلى الطرف الآخر (المدينة الفاضلة).

المخرج محمد صيام أحد اهم الأسماء فى هذا الجيل، والذى كان يطل علينا من خارج مصر، ويحصد الجوائز أيضا، شاهدت له فيلمين تسجيليين (فى بلد مين) و(أمل)، أفلامه وهى عادة إنتاج مشترك لا يتاح لها العرض فى مكانها الطبيعى على أرض الوطن، هذه المرة نجح مهرجان (الجونة) فى اقتناص فيلمه الروائى الأول، ومن حسن حظ المهرجان وأيضا الفن المصرى أن رئيس الرقابة وحامل (الترمومتر) هو الكاتب الكبير عبد الرحيم كمال، الذى يعرف جيدا أن قوة النظام تقاس بقدرته على السماح.

السيناريو شارك صيام فى كتابته أحمد عامر، يبدأ بذروة مأساوية وهى موت الأب، نراه على السلم محمولا ثم يغطى وجهه بالملاءة، ويسأل الأحفاد عن معنى الموت، وتبدأ عيون المشاهد فى محاولة قراءة ما تحت الملاءة.

على الشاشة نرى فى المشهد التالى ٢٤ ساعة قبل الرحيل، لنعيش أكثر فى تلك العلاقة الملتبسة بين الأب وابنيه الكبير والصغير، الابن الأكبر، يمنحه كل شىء، بينما الصغير والذى يعيش معه فى نفس البيت (أحمد مالك) نكتشف انه لا يكتفى بتعاطى المخدرات ولكنه يتاجر فيها، لم يكمل كلية الصيدلة، لديه دراية علمية بتأثير المخدرات فى تخفيف الآلام، اسم الفيلم بالانجليزية (رائحة الأب)، تتوقف أمام العلاقة بين السلطة الأبوية بمعناها الخاص والعام، والابن وحقه فى التمرد.

الشاشة تقدم شخصيات مقهورة مطحونة، الفقر واللاجدوى تسيطر على تفاصيل (الكادر)، المخرج يخلص تماما لحالة (الديستوبيا) فى تقديم الشارع بكل عناصره من فقر وانحراف.

يتكئ صيام على قدرات ممثليه التعبيرية، كمال الباشا الممثل الفلسطينى الحاصل على جائزة افضل ممثل فى (فينسيا)، كانت تخونه أحيانا اللهجة المصرية، إلا أن قوة الأداء التعبيرى لم تخنه أبدا، أحمد مالك، أحد أهم الموهوبين فى هذا الجيل، وأكثرهم أيضا قدرة على الانتقاء، تفاعلت شخصية البطل مع ملامحه ومشاعره على الشاشة. استوقفنى مايان السيد لأول مرة تتحرر من الصورة الذهنية التى ارتبطت بها الفتاة (الكيوت) الرقيقة، لتقدم دور ابنة البلد التى تدافع عن نفسها وعن حياتها، بينما من غدر بها ولا تفرق معه، كما شاهدت أيضا دنيا ماهر فى مشهد يحمل جرأة فنية، ليكسر المخرج مجددا تلك (التابوهات) التى تقيد اغلب ممثلينا.

رهان سينمائى صائب وجرىء، لمخرج مع فريق أتقن التعبير عن الحالة السينمائية، بكل مفردتها، مدير التصوير عمر أبو دومة، مصمم المناظر عاصم على، أزياء نيرة الدشورى، مونتاج الموهوب أحمد حافظ، حرص المخرج على أن يقدم شكر للموسيقار حسن أبو السعود، حيث ردد كمال الباشا أغنية تحمل الكثير من الشجن فى الحوار بينه وبين مالك، مأخوذة عن فيلم (سلام يا صاحبى) تلحين أبو السعود، الشجن كان جزءا حميما فى الشريط السينمائى، وهو ما أكدته الموسيقى التصويرية لـ«ليالى وطفة». سحر الشاشة وصدق الحالة كانا هما العنوان، يحسب لمهرجان (الجونة) وفريق العمل أنه طمأن عمليا عشاق السينما المصرية على حال السينما المصرية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كولونيا» ديستوبيا مصرية «كولونيا» ديستوبيا مصرية



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 23:15 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر
المغرب اليوم - إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib