الست وحديث السيجارة

(الست) وحديث السيجارة!!

المغرب اليوم -

الست وحديث السيجارة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

فى واحدة من حفلات أم كلثوم، زوج يشعل سيجارة، تخطفها زوجته، وكالعادة استسلم الرجل، مكتفيا بالابتسام والانصياع للقدر، استأذنها لإشعال أخرى، لقطة تستحق التوقف عند ظلالها .

الزمان مطلع الستينيات مع بداية البث التليفزيونى، وموافقة (كوكب الشرق) بعد تردد دام بضعة أشهر على تصوير حفلاتها، وفق شروط صارمة، تحول دون تقديم لقطات قريبة، نظرا لإصابتها بالغدة الدرقية، فى فترة سابقة، أسفر عن جحوظ فى عينيها، وهو ما دفع أم كلثوم إلى التوقف عن تقديم أفلام سينمائية، بعد (فاطمة) 1947.

هذه الحفلات توثق الحياة، لن تجد مثلا أى سيدة أو فتاة ترتدى حجاب، وكان هذا هو حال الطبقة المتوسطة التى تمثل أغلبية جمهور أم كلثوم.

هذه الحفلات حفظت لنا عددا من أغنيات أم كلثوم الحديثة وأيضا القديمة، بين الحين والآخر خاصة فى الوصلة الثالثة، كانت تقدم واحدة من أغانيها التى لم تلحق زمن التليفزيون، مما أبقى على جزء لا بأس به منها. لم نحافظ على أرشيفنا، تم بيع الأشرطة بطرق غير شرعية، لعدد من القنوات العربية الوليدة، الإهمال الذى عشناه، ومع الأسف لا نزال نعيش تحت وطأة بقاياه، أدى إلى ضياع 90 فى المائة من أرشيفنا، وما تبقى ويعاد بثه فى برنامج (ماسبيرو زمان)، هو ما أفلت برحمة ربنا وببركة دعاء الوالدين من المذبحة.

حتى منتصف الستينيات كانت السجائر ليست فقط مباحة، لكنها تتمتع بغطاء اجتماعى يمنحها شرعية، وبعض من الأطباء اعتبرها محفزا لإنعاش التوازن النفسى، والرئيس جمال عبد الناصر يدخن 60 سيجارة فى اليوم، وعندما تتعثر العلاقات بين مصر وأمريكا ويرتفع ثمن السجائر المستوردة مثل (كنت)، تتحول إلى معركة مصيرية، تمس الكرامة الوطنية، وتنتج سجائر محلية قريبة فى النكهة، وتحمل اسم يعود بنا للحضارة الفرعونية (كليوباترا).

لم تكن أم كلثوم تدخن، وظلت رغم ذلك تبيح التدخين فى حفلاتها، ثم بدأنا نقرأ عن مخاطر التدخين، فقررت منعها فى حفلاتها، فى نفس الوقت كان التدخين مباحا حتى فى الطائرات وبرامج التليفزيون.

فى تلك الأيام، منتصف الستينيات، كانت إذاعة (الشرق الأوسط)، تقدم برنامجا لسناء منصور وإعداد مفيد فوزى، اسمه (أوافق أمتنع)، استضافت كاتبنا الكبير د. يوسف إدريس المعروف عنه شراهته فى التدخين، سألته سناء: (أم كلثوم تمنع التدخين فى حفلاتها هل توافق أم تمتنع)؟

أجابها امتنع عن الذهاب للحفل مستمتعا بسيجارتى، اعتبرته أم كلثوم واحدة من خطط عبد الحليم حافظ لتوجيه ضربة مباغتة، خاصة أنه سبق أن هاجمها على الهواء قبلها عام 65 فى حفل عيد الثورة، ومن بعدها اشترطت ألا يغنى معها فى أى حفل.

أشارت (أم كلثوم) بأصابع الاتهام إلى مفيد فوزى صديق عبد الحليم لتنفيذ المكيدة، أصدرت أمرا يمنع بث أغانيها فى إذاعة (الشرق الأوسط)، حتى قدمت لها رئيسة إذاعة الشرق الأوسط آمال فهمى اعتذارا على الهواء بدأته ببث قصيدة (أراك عصى الدمع/ شيمتك الصبر).

ولم تتوقف حكاية السجائر، بعد هزيمة 67، منح عبد الناصر ضوء أخضر للصحافة، لتفريغ شحنة الغضب، سألوا الموسيقار الكبير محمود الشريف والذى ربطته عام 46 علاقة حب مع أم كلثوم توجت بجواز سرى وخطوبة معلنة، سألوه عن سر الهزيمة؟ أجابهم: (كرة القدم والحشيش وأغنيات أم كلثوم )، وهكذا اعتبر أغانيها مغيبة للعقل، مثل سجائر الحشيش!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الست وحديث السيجارة الست وحديث السيجارة



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 23:15 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر
المغرب اليوم - إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib