للأموات حقوق

للأموات حقوق

المغرب اليوم -

للأموات حقوق

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

بدأت بعض شركات الإنتاج الكبرى شراء حق استغلال بالصوت والصورة لعدد من كبار نجوم العالم الراحلين، لتقديم أعمال درامية وغنائية، وهو ما سينتقل بالضرورة إلى عالمنا العربي، وعن طريق استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، سوف يتم توظيف هذه المادة الأرشيفية في أعمال فنية جديدة.

قطعاً الإغراءات المادية التي تقدم للورثة من الصعب مقاومتها، تابعنا مؤخراً استغلالاً فجاً لأصوات مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وغيرهم، المؤكد ستصدر تشريعات قانونية موازية، تضع حدوداً لكل هذه الاختراقات.

هل توقع الراحلون الكبار أن ما تركوه متناثراً هنا أو هناك سيدخل في مزاد العرض والطلب، و«ألا أونا ألا دو ألا تري»، ومن يدفع أكثر يستحوذ على الصفقة؟

نعرف مثلاً أن هناك من يترك وصية للتبرع بأعضائه لإنقاذ المرضى، وهناك من يوصي بحرق جسده، فهل أصبح عليهم أن يوصوا أيضاً باستغلال أو عدم استغلال رصيدهم الفني؟

مؤخراً قالت لي الإعلامية ضفاف كريم العراقي، إن والدها الشاعر العراقي الكبير الذي غادرنا قبل أسابيع قليلة، ترك عدداً من الأشعار، إلا أنها لن تطرحها على الجمهور، فهي لا توقن بأن والدها قد انتهى بالفعل من مراجعتها وكان راضياً عن تداولها، ربما كان سيطل عليها مرة أخرى، قد يغير كلمة أو يضيف أخرى، ولهذا قررت هي والأسرة أن يحتفظوا بها، ويعيدوا فقط مجدداً طرح دواوينه التي نشرها في حياته، مضحين بالمكاسب الضخمة المنتظرة.

بعد رحيل الشاعر الكبير محمود درويش صدر له ديوان «لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي» أثار النشر جدلاً واسعاً، بسبب عدد من الأخطاء لا يمكن أن يقع فيها الشاعر الكبير، وهذا يؤكد أنه كان سيعيد النظر مرة أخرى قبل طرح الديوان.

البعض يرى أن الأعمال الأدبية والفنية التي تركها المبدع، ملكية عامة يجب أن يتعرف عليها الناس، وهم بهذا ينطقوه بما لم يقله، ما الذي أدراكم أنه كان راضياً تماماً عما دوَّنه، ألا يوجد احتمال ولو واحد في المائة بأنه سيمزق القصيدة؟

قبل نحو عام أو أكثر قليلاً قالت السيدة أم كلثوم ابنة الأديب الكبير نجيب محفوظ، إنها عثرت بين أوراق أبيها على مفكرة، كان يحرص على تدوينها يومياً لتنظيم جدول يومه، أشارت الابنة إلى أنها سوف تراجعها وتنشرها، إلا أنها حتى الآن لم تفعل ذلك، لست موقناً هل تراجعت عن التنفيذ أم أنها تنتظر توقيتاً ملائماً؟

الأفضل أن يتم الاحتفاظ بهذه المقتنيات للزمن، ومن الممكن عن طريق دراستها أن نعثر على تحليل مغاير عن نجيب محفوظ، بينما طرحها للتداول في كتاب يحتاج للمراجعة، لا أستشعر أبداً أن نجيب محفوظ كان في نيته أن يفعل ذلك، تلك المذكرات الشخصية تكتب فقط لكي يستعيدها صاحبها بين الحين والآخر.

المخرج الكبير الراحل شادي عبد السلام دخل تاريخ السينما من أوسع أبوابه بفيلمه «المومياء» الذي احتل المركز الأول كأفضل فيلم عربي في استفتاء مهرجان دبي السينمائي الدولي.

كان شادي بصدد تقديم فيلمه الروائي الثاني «إخناتون»، كتب السيناريو ورشح الأبطال، نادية لطفي ومحمد صبحي وسوسن بدر، بل و حدد أيضاً التكوين الدرامي واللقطات، تعثر التنفيذ لأسباب إنتاجية، وعندما تم تجاوز كل تلك العراقيل، طلبوا قبل نحو 20 عاماً من مهندس الديكور الراحل صلاح مرعي الصديق الأقرب لشادي تنفيذ الشريط السينمائي، كما أراده شادي، خاصة وأنه كان قد حدد على الورق كل اللمحات الإخراجية، اعتذر صلاح قائلاً: «تظل هناك تفاصيل دقيقة جداً، الوحيد القادر على تحقيقها هو شادي»، وأضاف: «لو فعلتها سأعتبرها خيانة لصديق العمر».

ظل السيناريو المعد للتصوير، في أرشيف شادي، لم ولن يرى النور، فمن الذي يجرؤ على تقمص روح شادي؟.

للموتى المبدعين حقوق، واجبنا أن نحميها، مهما كانت الإغراءات!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للأموات حقوق للأموات حقوق



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 12:57 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس السبت 26-9-2020

GMT 16:57 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

هيفا وهبي تدعم هاشتاغ لبنان ينتفض: "كلنا للوطن"

GMT 07:29 2013 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

3 أكواب من الشاي يوميًا تقي من اضطرابات الذاكرة

GMT 09:39 2015 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

سمر مرسي ضيفة برنامج "واحدة وبس" الأربعاء

GMT 16:21 2017 السبت ,01 تموز / يوليو

زكريا حدراف يودع زملائه برسالة مؤثرة

GMT 05:10 2017 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

ابن كيران والفصول الأربعة !

GMT 20:00 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

الفنان أشرف سيف يُحيي ذكرى وفاة والده على "فيسبوك"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib