بقلم - طارق الشناوي
أعجبنى المشهد الذى قدمه محمود الخطيب مع محمد فراج فى مسلسل (كتالوج) إخراج وليد الحلفاوى، تأليف أيمن وتار، شاهدنا الخطيب فى المدرجات يتابع فريق الأشبال مرتديًا نظارة شمس، المفروض دراميًّا أن فراج لم يدرك أن من يحادثه هو بيبو، وهو بالمناسبة ما كنت غير موقن منه فى بداية المشهد.
قبل نحو ٤٣ عامًا عرض المخرج سمير سيف دور( شحاتة أبو كف) على محمود الخطيب فى فيلم (غريب فى بيتى) ليشارك سعاد حسنى البطولة، الأجر الذى يتقاضاه بيبو لم يكن محل نقاش أو تفاوض، وضع المنتج واصف فايز خانة الرقم بيضاء، فلم يكن هناك بديل لمحمود الخطيب.
الأحداث كانت فى السيناريو الأول كما كتبه وحيد حامد تجرى فى النادى الأهلى، الخطيب اعتذر لأنه لا يرى نفسه ممثلًا، كان قد سبقه للدخول إلى دنيا التمثيل صالح سليم وعادل هيكل وطاهر الشيخ وإكرامى وغيرهم، إلا أن الخطيب لديه دائمًا حسبة خاصة به، ما فعله الآخرون ليس أبدًا دافعًا له لتكرار التجربة، فهو لا يقدم لقطة بل دور بطولة موازية لسعاد.
كان عادل إمام هو المرشح الثانى إلا أنه لم يتحمس، وجاء نور الشريف إنقاذًا للموقف، ليقدم واحدًا من أفضل أدواره، التقط ملمحًا كوميديًا، نادرًا ما نراه، إلا فى القليل مثل (الحاج متولى)، يعتقد البعض أن انتقال تصوير الأحداث من النادى الأهلى إلى الزمالك سببه نور الشريف اللاعب السابق فى فريق أشبال الزمالك، والحقيقة أن إدارة النادى الأهلى وقتها طلبت رقمًا مبالغًا فيه، بينما الزمالك وافق على ٢٥ فى المائة فقط مما طلبه الأهلى، أغلب المنتجين يفضلون عادة التصوير فى النادى الأهلى لما يتمتع به من شعبية ضخمة، لديهم قناعة بأن الجمهور الذى سيتوجه إلى الفيلم الذى تجرى أحداثه داخل القلعة الحمراء يشكل الأغلبية.
رفض الخطيب للعديد من الأعمال الفنية تحول هذه المرة إلى موافقة على سبيل الاستثناء، وأتصور أن مكانة الراحل نبيل الحلفاوى (والد وليد الحلفاوى) عند الخطيب هى التى دفعته للوقوف أمام الكاميرا، كان الحلفاوى (الأب) واحدًا من أكثر المشجعين تفاعلًا على (السوشيال ميديا) هتافًا للأهلى.
المسلسل حتى الحلقة الخامسة قادر على الجذب، ويحمل فى بنائه الدرامى فيضًا من الخصوصية، فهو يلتقط أكثر اللحظات شجنًا فقدان الزوجة والأم التى أدت دورها بحالة من الوهج والسحر ريهام عبدالغفور، وبقدر ما تبكى فى العديد من المشاهد يدفعك المخرج فى اللحظة المواتية، بحرفية عالية إلى الضحك.
شخصية القبطان التى أداها باقتدار بيومى فؤاد رجل أصيب نفسيًا بـ(فوبيا) الخوف من الآخرين، فأصبح لا يستطيع أن يفتح بابه لأحد، والعلاقة لا تتجاوز فتحة صغيرة جدًّا من باب الشقة مع الجيران، دور لا يستطيع تقديمه سوى بيومى فؤاد.
المسلسل شهد أيضًا عودة سماح أنور بدور خفيف الظل، والطفلان ريتال عبد العزيز وعلى البيلى، الذى شهد تواجده الثانى بعد (لام شمسية)، أجاد وليد الحلفاوى الحفاظ على تلقائيتهما.
المسلسل تقود أحداثه فعليًّا ريهام عبد الغفور غادرت سريعًا الحياة، وظلت هى المحرك الرئيس لكل الخيوط، (كتالوج) العائلة.
مسلسل خارج عن (الأبجدية) الدرامية المتعارف عليها، الكاتب أيمن وتار الذى تخصص فى تقديم الأعمال التى تندرج تحت باب كوميدى (الفارس)، هذه المرة يقدم بناء فنيًا، أكثر إحكاما يمزج الدموع بالضحكات، لم يغادرنا أبدًا الإحساس بفقدان الأم، وهذا السحر الذى يبثه لنا حضور ريهام عبد الغفور. ويتأكد اسم محمد فراج أحد أهم الأوراق الرابحة فى هذا الجيل سينما وتليفزيون، تسكين جيد من وليد الحلفاوى لكل الممثلين حتى ضيوف الشرف مثل أمينة خليل ومحمد شاهين وحنان مطاوع، ليسوا مجرد أسماء لامعة ولكن هناك توظيف جيد لوجودهم.
ويبقى محمود الخطيب فى تلك اللمحة الدرامية غير القابلة للتكرار، التى أراها تشبه تمامًا محمود الخطيب غير القابل أيضًا للتكرار!.