عبد الوهاب بعيون تلاميذه

عبد الوهاب بعيون تلاميذه!!

المغرب اليوم -

عبد الوهاب بعيون تلاميذه

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

هل كان الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، يؤمن بأن النجاح يساوى فقط عبد الوهاب؟! ظل ممسكًا بالضوء حتى التسعين، لم يلهث وراء الضوء، الضوء كان يلاحقه.

عندما نتناول شخصية رائدة ومحورية مثل عبد الوهاب الذى مرت ذكراه الـ٣٤ أمس، تُطل عليه، بأكثر من زاوية.

أراه بعيون ثلاثة من الملحنين: الموجى والطويل وبليغ، شكلوا الجيل التالى الذى خرج من معطف الأستاذ، وفى نفس الوقت تمرد على الأستاذ.

الموجى كان أكثر الثلاثة اعترافًا وتقديرًا، فهو مثله الأعلى، تمنى أن يصبح عبد الوهاب، تقدم للإذاعة فى البداية كمطرب، إلا أنّ لجنة الاختيار رفضته مطربًا، ومنحته الموافقة بالإجماع ملحنًا، الموجى كان يناله بين الحين والآخر ضربات وهابية منها أنه قد يجد بعض ظلال من ألحانه منسوبًا للأستاذ، كان يغضب، ثم يلتزم الصمت إعلاميًا.

الطويل على النقيض، يعلو صوته لو لمح شيء من موسيقاه فى ثنايا إبداع الأستاذ، كثيرًا ما حدث بينهما جفاء، ورغم ذلك أتذكر أننى سألته لماذا لم يلحن (إنت عمرى) بعد أن رشحته أم كلثوم نكاية فى عبد الوهاب الذى كان قد تقاعس عن استكمال اللحن؟ فقال لى: كانت الجماهير تنتظر لقاء العملاقين، ولم أشأ أن أفسد هذه اللحظة. سألته عن رأيه فى لحن (إنت عمرى)؟ أجابنى: من أروع أغانينا العربية، وعندما منح عبد الوهاب فى مهرجان الأغنية عام ٩٦ جائزة، رشحت أسرة عبد الوهاب الموسيقار كمال الطويل لاستلامها، وقال فى الكلمة: (هذا التكريم لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، هو تكريم للقيم النبيلة، أشكركم جميعًا عليه).

مع بليغ كان الأمر شديد الالتباس إنسانيًا وفنيًا، حال عبد الوهاب دون زواج ابنته من بليغ، أما فنيًا فلقد قال عبد الوهاب فى عدد من أحاديثه: (إن بليغ رخص الغناء)، كان يرى أن بليغ هو أكثر موسيقار يأتى إليه الإلهام من السماء، ولكنه لا يجتهد كثيرًا فى التعايش مع الجملة الموسيقية، فيقدمها قبل أن تختمر فى أعماقه إبداعيًا، وكان عبد الوهاب يستخدم تعبير (بعبلها) واصفًا الجُمل الموسيقية لبليغ.

عبد الوهاب كان يعلم أنه حتى يواصل البقاء على القمة، عليه أن يهضم مفردات الجيل الجديد، ومن هنا تجد تفسيرًا لكلمة قالها الطويل فى تحليله لموسيقى عبد الوهاب، فهو يصفه بـ(النشافة)، كل ملحنى الزمن الذى عايشه تجد بأسلوب غير مباشر أن عبد الوهاب أخذ منهم لمحة ما، والنشافة جهاز خشبى، كان يستخدم فى الماضى بعد الكتابة بالريشة، حتى يتم تجفيف الصفحة، والمعنى الذى يقصده الطويل، أن هناك بقايا تظل عالقة.

لم يكن عبد الوهاب ابن الزمن الذى سبقه، لكنه ابن الزمن الذى يعيشه، يتابع تلاميذه بنفس القدر من الاهتمام الذى هضم به إنجاز كل من سبقوه، وعلى رأسهم سيد درويش.

كان عبد الوهاب يرى أن الغزارة الموسيقية لبليغ حمدى سلاح ذو حدين، وكان معروفًا أن بليغ هو أكثر ملحن عرفه العالم العربى ممتلكًا كل هذه الخصوبة، بليغ يحظى دائمًا بالمرتبة الأولى فى تحقيق أكبر أداء علنى وعلى مدى تجاوز ٤٠ عامًا، ما الذى يعنيه هذا سوى أن موسيقى بليغ تنبض بالحياة.

«عبد الوهاب» شكل بالنسبة لكل الأجيال التى جاءت بعده علاقة تحمل تقديرًا، وفى نفس قدر لا يُنكر من التوجس، مثلًا كان الموجى والطويل وعبد الحليم قد تعاهدوا فى بداية المشوار، ألا يجعلوا عبد الوهاب يفرق بينهم، إلا أن عبد الوهاب منذ الخمسينيات استطاع أن يخترق هذا الحصار، يرتبط مع عبد الحليم بمشروع فنى- اقتصادى، شركة (صوت الفن).

عبد الوهاب كان يتابع بشغف كل جديد، وبعدها يحيله إلى طاقة إبداعية ومذاق وهابى خالص!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبد الوهاب بعيون تلاميذه عبد الوهاب بعيون تلاميذه



GMT 15:28 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مسلم ــ شيوعي ــ يساري

GMT 15:24 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مَن يعبر مِن حرائق الإقليم؟

GMT 15:23 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

«الثنائي الشيعي» و«كوفيد ــ 26»

GMT 15:21 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

قتل العلماء أو قتل القوة؟

GMT 15:20 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

الغباء البشري

GMT 15:19 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

صلاح ومحمود «بينج بونج»!

GMT 00:48 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

شيماء الزمزمي بطلة للمغرب في رياضة الجمباز

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:56 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تنصيب ناروهيتو إمبراطورا لليابان رسمياً

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحتضن أول بطولة عربية في مضمار الدراجات «بي.إم .إكس»

GMT 08:59 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تؤكد وجود الكثير من النساء الذين يفقنها جمالًا

GMT 04:17 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الدرك الملكي يحجز كمية مهمة من المواد المنظفة المزيفة

GMT 13:09 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

اليمن: حملة توعية بالحديدة بأهمية حماية البيئة

GMT 15:36 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تشييع جثمان الجنرال دوكور دارمي عبد الحق القادري
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib