بقلم - طارق الشناوي
ليس سرًا إيقاف برنامج (كلمة أخيرة) للميس الحديدى، فى قناة (أون)، وبرنامج (مع خيرى) فى (المحور).
لا توجد معلومات مؤكدة عن الأسباب، وهل هو إيقاف لمرحلة زمنية من أجل التقاط الأنفاس مثلا أم لأجل دأبنا أن نطلق عليه (غير مسمى)، لن تجد أى مسؤول يقدم تبريرات، ولكن تظل تلك حقيقة عير قابلة للنفى.
لا شىء سوى الغموض الذى يسيطر على المشهد، لميس وخيرى مخضرمان فى التعامل مع الإعلام بكل أطيافه، ويدركان بحكم الخبرة الخط الأحمر، وسقف المسموح، وهما أيضا يعلمان أن سر نجاح (الميديا) يكمن فى قدرتك على الاقترب بحذر من السقف، على ألا تصطدم به، ورغم ذلك فإن فى مسيرة كل منهما ستجد مرحلة زمنية ما، ارتديا فيها (البيجامة)، وهو التعبير السائد بين الإعلاميين لتوصيف البقاء فى البيت بعيدا عن الشاشة.
مرت مصر فى آخر أسبوعين بأكثر من كارثة مثل حريق سنترال رمسيس واستشهاد الفتيات العاملات على الطريق غير الآمن، بديهى أن يصبح لإعلامنا الوطنى صوت، لا يبرر بقدر ما يبحث عن الحقيقة ويوثقها للأجيال القادمة، بديهى أن الإعلامى الملتزم لا يبحث عن (شو) ولا يلهث وراء (التريند)، على الدولة أن تدعم هذا التوجه، لسنا وحدنا نملك البث الفضائى، من السهل جدا أن تفقد درجة المصداقية لو كان الهدف هو تبرير الفعل، ليس مطلوبا قطعا إشعال الحريق بل إخماده، إنه واجب الجميع من أجل استقرار الحياة، إعلان الحقيقة والإشارة على المسؤول هما بداية الطريق للإصلاح.
هل نحن بحاجة إلى إغلاق نافذة؟ أم نرنو إلى فتح أكثر من نافذة جديدة؟، عندما يمر الوطن بمحنة أو ظرف قاسٍ، علينا فى هذه الحالة أن نعمل على ضمان أن يظل المواطن البسيط على الموجة مع وطنه، من خلال قناة إعلامية يثق فيها تنطلق من أرضه وتحميها الدولة.
علينا أن نتذكر قبل نحو ٢٠ عاما كان (ماسبيرو) يقدم (البيت بيتك) برئاسة تحرير الكاتب الصحفى الإعلامى محمد هانى، الذى حقق نقلة نوعية بهامش مفتوح بقدر ما هو مقنن، البرنامج حمل للمواطن كل الرسائل التى أرادتها الدولة، وفى نفس الوقت حظى بأكبر كثافة من المشاهدة، وكان وزير الإعلام الأسبق أنس الفقى هو حلقة الوصل مع الدولة، وبالفعل انتقل إلى مساحة من المشاغبة الإيجابية على كل المستويات، كل مذيع يدرك بالضبط أين يبدأ دوره ومتى يتوقف.
لا أعتقد أن إيقاف برنامجين فى هذا التوقيت من الممكن أن يدخل فى إطار الصالح العام، الأمر سينسحب سلبا على الإعلام بكل أطيافه، أنتظر أن أستمع لصوت العقل حتى ينضبط إيقاع الإعلام.
من حقك طبعا أن يكون لك ملاحظات سلبية على أداء لميس أو خيرى هذا أبسط حقوقك، إلا أن القضية ليست أبدا لميس وخيرى، إنها تتجاوزهما إلى الحديث عن منظومة إعلامية نحرص جميعا على أن تظل هى الصوت المسموع والمصدق، والطريق الوحيد هو الحفاظ كحد أدنى على نوافذنا الإعلامية مفتوحة!!.