«سألونى الناس عنك يا حبيبى»

«سألونى الناس عنك يا حبيبى»!!

المغرب اليوم -

«سألونى الناس عنك يا حبيبى»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

قالت الفنانة اللبنانية الكبيرة كارمن لبس بعد سماعها الخبر: (فضى لبنان بعدك يا زياد)، ارتبطا معًا ١٥ عامًا، واختلفا فى طريقة العيش المشترك، وظل الحب نابضًا بالحياة.

زياد من المبدعين الكبار الذين يرسمون ملامح الوطن، أسماؤهم تشير إليه مثلما تشير شجرة الأرز إلى العلم اللبنانى، اتسعت دائرة زياد ليصبح أحد أهم رموز موسيقانا العربية. من فرط حب المصريين لزياد، انتشر بيان قبل نحو ١٥ عامًا كتبه الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم يطالب الدولة بمنح الجنسية المصرية لزياد، ووقع عليه آلاف من عشاقه المقدرين لفنه. رغم أنها كانت زيارته الأولى لأرض المحروسة، إلا أن المصريين وجدوا فى زياد وميضًا من التفاعل الوجدانى، فقرروا ألا يصبح ضيفًا على مصر، ولكن واحدًا من أبنائها.

لا أتذكر أن هناك من الفنانين العرب، برغم كثرة تواجدهم فى مصر، من طالب المصريين بعد زيارتهم الأولى بمنحهم الجنسية. وعقب زياد وقتها بروحه الساخرة شاكرًا وممتنًا، إلا أنه أضاف فى مداعبة للجمهور: (خلينا الأول نتعرف أكثر مش يمكن تغيروا رأيكم بعد شوى).

فى حفله الذى أحياه أثناء زيارته الأولى للقاهرة فى ساقية الصاوى، والمكان هنا يشير أيضًا إلى أن ثمن التذكرة بجنيهات قليلة، كان فى متناول شريحة اقتصادية من الشباب، ضاق المكان عن عشاق موسيقاه وأغنياته، لأنه لم يعتقد أحد أن لزياد كل هذا الشغف والترقب بين المصريين.

زياد على عكس فيروز ووالده عاصى وعمه منصور، ينصهر فى الحالة السياسية معلنًا دائمًا رأيه بدون أى حسابات أخرى، يتشابك زياد مع الواقع، قهر تمامًا مشاعر الخوف، وهكذا انطلق حالة إبداعية متكاملة يكتب ويلحن ويوزع ويغنى، يملك حضورًا خاصًا على خشبة المسرح، فهو صاحب طلة استثنائية.

القدر جاء به ليمنح أمه فيروز عقودًا زمنية ممتدة، بعد رحيل زوجها عاصى وتوقف التواصل مع شقيقه منصور، كان لابد أن تستكمل المشوار مع موهوب وملهم مثل زياد يستطيع أن يهضم الزمن بحكم أنه ابن الزمن، ولديه نكهة الرحابنة، إلا أنه ليس صدى ولا هو تنويعة موسيقية على الأخوين رحبانى، يتمتع بخصوصية فى التعبير، تشير إليه دومًا، يقدم الكلمة والنغمة العصرية التى منحت (جارة القمر) فيروز سنوات أخرى، وستمنحها عقودًا قادمة من الزمن، تظل شاهدة على أن كان بيننا موسيقار يملك كل هذه القدرات التعبيرية.

منذ اللمحة الأولى وهو فتى لم يكمل السابعة عشرة من عمره، يلحن بنبضات قلبه كلمات منصور عن شقيقه عاصى الذى أصيب بجلطة لأول مرة عام ٧٣، حالت دون استمراره فى العمل، التى عبرت فى نفس اللحظة عن مشاعر فيروز وزياد (سألونى الناس عنك يا حبيبي)، والغريب أن بروفة تلك الأغنية بين زياد وفيروز ظلت تتردد بعد انتشار خبر رحيل زياد، وكأنها تتناول اللحظة.

تفتحت مدارك زياد مع اندلاع الحرب الطائفية ١٩٧٥ التى ضربت بغشومية الأمن فى كل المواقع اللبنانية بين المارونى والشيعى والسنى والدرزى والكاثوليكى، وكان منزل فيروز فى بيروت الغربية التى يقطنها المسلمون لتشير إلى أنها لبنانية أولًا وأخيرًا. هذه التقسيمة عالجت الطائفية بطائفية سياسية يتم من خلالها توزيع المناصب فى البلد.

الفنان يقف على يسار النظام ليصبح هو المعبر عن الشارع والحياة، وكان زياد هو المعادل الحقيقى لهذا الفنان الذى انتقل من التواجد فى الحياة المادية ليحيا بألحانه وأفكاره حياة أبدية فى ضمير كل اللبنانيين وكل العرب!!

قطعًا هو ابن مخلص للموسيقى اللبنانية بتاريخها العظيم، وأضاف أيضًا أن ثلاثة ملحنين مصريين أثروا فيه: سيد درويش ومحمود الشريف، وكان يضع فى مكتبه صورة فى مكان بارز للشيخ زكريا أحمد!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سألونى الناس عنك يا حبيبى» «سألونى الناس عنك يا حبيبى»



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 23:15 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر
المغرب اليوم - إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib