من الذي شد «الفيشة»

من الذي شد «الفيشة»؟

المغرب اليوم -

من الذي شد «الفيشة»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

قبل نحو عامين أو ثلاثة التقيت داخل الاستراحة بالمطار أنتظر مع عدد من النجوم مختلفى الأعمار، طائرة العودة للقاهرة، وكان لنا حوار أقرب للفضفضة .

قلت ألا يخشى النجم يوما انطفأ الوهج، تنسدل الستار بينما هو لا يزال واقفا على المسرح؟

ما تبقى فى ذاكرتى هو مزيج من أفكارهم وأفكارى، أسردها فى الكلمات التالية، كل مبدع فى مجاله عليه أن يتوقع تلك اللحظة، بريق النجومية قد ينزوى لأسباب من الممكن أن ندرك بعضها، ولكن تظل هناك عوامل أخرى تحتاج إلى قدرة استثنائية على مواجهة النفس، أغلبها يحدث نتيجة تغير فى البنية الاجتماعية للجمهور، وبعدها تتغير المفردات وتتبدل الاختيارات، النجم فى أى مجال يتحقق من خلال اتجاه الأغلبية للتوحد مع صوت أو نغمة أو ملامح أو أسلوب، وهكذا يتم التتويج بإرادة حرة وصندوق انتخابات لا يمكن تزوير نتائجه.

مثلا عدد من نجوم الكوميديا كان مجرد ظهورهم فى أى (كادر)، ولو فى لقطة بعيدة أو عابرة، كفيلا بأن يثيروا ضحكات الجمهور وشغفهم وترقبهم، إلا أنهم يشهدون مع الزمن أن المتفرج الذى كان ينتظر ويترقب صار غير مكترث (إن جاء زيد أو حضر عمرو) ولا تفرق معه أساسا زيد من عمرو.. إسماعيل ياسين نموذج صارخ، فى آخر أفلامه (الرغبة والضياع) ١٩٧٢ والذى رحل قبل أن يستكمل تسجيل الصوت، حل اسمه رابعا بعد هند رستم ورشدى أباظة ونور الشريف.

غالبا يبحث النجم عن أسباب أخرى خارج النص، قد يعتقد أنه يواجه مؤامرة من الحاقدين على نجاحه، وأنهم جميعا يقضون الليالى فى تنفيذ خطتهم لإقصائه عن الدائرة، غالبا ما يشعر بسعادة غامرة عندما تتعدد الأسباب وكلها تصب لصالحه، فهو مقتنع بأنه لا يزال فى كامل لياقته الإبداعية، إلا أنهم يتكالبون عليه لصالح نجم آخر، إحساس يرضيه تماما، وبعدها يشعر بسعادة الوردة الحمراء مرددا: (ما لقوش فى الورد عيب قالوا يا أحمر الخدين).

لا يمكن مثلا أن يضع فى الحسبان أنه ربما لم تعد موجته الإبداعية مضبوطة على الجمهور، أو أن هناك نجما آخر يقدم مفردات مغايرة لامست أكثر الجمهور، أو أنه لم يدرك ما أطلق عليه لحظة التشبع.

الفنان الكبير يستطيع الإمساك بتلك اللحظة قبل حدوثها، ستكتشف دائما أن الفنان الذكى يعلم متى يتوقف، تتذكرون عبد الوهاب وهو يردد هذا المقطع (يا ترى نسمة ح تقولى إيه)، كرر (يا ترى) عشرات المرات وفى كل مرة تزداد جمالا، ولكنه أدرك فى الإعادة الأخيرة رقم (٤٤) أنه يجب أن يتوقف، فلم يقل (يا ترى) ٤٥.

كثر تفوتهم القاعدة الذهبية؛ أن تتوقف فى اللحظة التى ينتظر فيها الجمهور المزيد، كان عبد المنعم مدبولى أستاذ الأساتذة فى تكرار الكلمة، وفى إدراك اللحظة التى يجب أن يتوقف عندها، تتذكرون مسرحية (أصل وصورة).

هذا المقطع (وهو يفكر ويفكر ويفكر، ثم عاد يفكر ويفكر ويفكر)، بين مدبولى ومحمد عوض، وبعد عشرات من المرات يتوقف ولا يكرر كلمة (يفكر) .

كثيرا ما أقرأ وأيضا أشفق على الفنان الذى يكتب على صفحته شاكيا التجاهل، وبعضهم يلجأ لنجم يطلب منه ترشيحه، وغالبا يستجيب النجم ولكنها تظل مرة غير قابلة للتكرار .

أعلم أن الوسط الفنى ليس عادلا وأن هناك بين الحين والآخر أسبابا أخرى ومعادلات خارج المنطق، كل ذلك أعرفه تماما بحكم الخبرة، إلا أن هناك لمحة قدرية لا تخضع لأسباب موضوعية، أحيانا ينقطع الضوء ولا يعود مهما حاولت، هناك من (يشد الفيشة) ويموت بعدها الوهج، ولا يبقى منه سوى الحسرة على الزمن الذى مضى ولن يعود!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الذي شد «الفيشة» من الذي شد «الفيشة»



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا

GMT 13:24 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

''فريد غنام'' يطرح فيديو كليب ''الزين الزين''

GMT 20:55 2022 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جوجل تطمح لتقديم خدماتها بألف لغة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib