حسين فهمى يوارب الباب ويسمح بالفيلم الإيراني

حسين فهمى يوارب الباب ويسمح بالفيلم الإيراني!!

المغرب اليوم -

حسين فهمى يوارب الباب ويسمح بالفيلم الإيراني

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

حسم حسين فهمى، رئيس المهرجان، الموقف المتأرجح تجاه السينما الإيرانية واستقر على عرض الفيلم الرائع (كعكتى المفضلة)، إخراج بهتاش صانيها ومريم مقدم، كونا ثنائى معا شاركا سابقا فى إنجاز العديد من الأفلام.

الشريط من أكثر الأفلام تحقيقًا للإيرادات التى عرضت هذه الدورة فى القسم الرسمى خارج التسابق.

الفيلم مثل أغلب تلك النوعيات الجريئة فنيا وفكريا، تم تهريبه للعرض أولا فى مهرجان (برلين) فبراير الماضى، ومن بعدها صار متاحا للعديد من المهرجانات، كما أن مخرجيه، وكل من شارك فيه بات أيضا مطلوبا أمام السلطات الإيرانية، وكالعادة تحلق الأفلام بأجنحة يعجز رادار الرقابة على رصدها.

المهرجانات كثيرا ما تضع معيارًا سياسيًا فى الاختيار، واختار حسين الرهان على الإبداع حتى لا يتناقض مع محددات سياسية صارمة فى علاقتنا مع الدولة التى ينتمى إليها الفيلم.

يستحق الفيلم الإيرانى (كعكتى المفضلة) الكثير من التأمل، كشريط سينمائى ملىء بالشحنات الفنية،، إدارة المهرجان- أى مهرجان- لا تتعمد اختيار المخرجين المعادين للنظام، بقدر ما يقع الاختيار على العمل الفنى الذى يستحق الحفاوة ويصادف أنه ممنوع من العرض أو أن صناعه ممنوعون من السفر خارج الحدود.

كان المخرجان فى شهر أكتوبر ٢٠٢٣ قد احتجزا على يد الشرطة فى المطار عندما كانا فى طريقهما لباريس.

يظلم الشريط السينمائى الذى أراه واحدا من أجرأ الأفلام فى التعبير عن الموقف الرافض للعديد من (التابوهات)، وفى نفس الوقت حاول صناعه أن يقدموا فيلما يتحلى بجرأة إبداعية، وأن يظل فى كل تفاصيل التعبير الدرامى مراعيًا للحالة الإيرانية الرقابية بكل قيودها التى تفرض على المخرجين الابتعاد عن العنف والقبلات والعرى، إلا أن هذا الفيلم يحسب له قدرته الفكرية التى تحمل شغبا مع تلك المحددات، فى هامش مفروض أنه متاح فيه الأخذ والرد، إلا أنه عمليا، هناك من يقف شاهرا سيفا بحجة أنه ممنوع الاقتراب.

المرأة السبعينية تقابل رجلًا فى نفس مرحلتها العمرية، كل منهما يعيش وحيدا، وتجمعهما ليلة فى شقة المرأة.

قبل ذلك يقدم لنا الفيلم تفاصيل عن تلك المرأة خفيفة الظل، التى تضع على رأسها نصف حجاب يظهر جزءا من مقدمة شعر رأسها- ممنوع بحكم القانون الإيرانى- ارتداؤه على هذا النحو.

نرى المرأة فى (السوبر ماركت) تتعامل ببساطة وبخفة ظل مع البائع، تحب الاستماع إلى الموسيقى، لا تنسى أن تطيل النظر إلى المرآة وتضع بعض المساحيق، تنام على الكنبة فى الصالة، بدلا من السرير، فى لمحة تمنح ظلالا عن شخصيتها المتمردة، يأتى لها تليفون من ابنها ندرك من خلاله أنها تعانى الإحساس بالوحدة، حتى مع أبنائها القابعين خارج الحدود.

فى الشارع تصطدم برجل الشرطة يعترض عليها وهى فى طريقها للركوب فى الميكروباص، يمارس ضدها قدرا من العنف، وتنبهه إلى الخطأ ولكنه لا يكترث باحتجاجها، ندرك فى هذا المشهد أن هناك تمردا على الحجاب، فى الشارع، ويعلن عن نفسه مجددًا بفتاة صغيرة نراها تغطى رأسها بنصف حجاب وتلتقى مع شاب فى الحديقة.

التفاصيل تشير إلى ارتفاع منسوب الرفض الذى سبق وأن تابعناه عمليا من خلال المظاهرات قبل نحو ثلاثة أعوام للتمرد على فرض الحجاب.

تلك ليست هى قضية الفيلم، ولكن إحساس الوحدة الذى تعيشه المرأة وهى تشعر باقتراب النهاية، تقرر الذهاب إلى الكافيتريا تسمع حوارا مع سائق تاكسى تدرك أنه وحيد وتقرر أنه هو الجدير بأن يصبح أنيسا لها، وفى طريقهما لمنزلها، تبدو له الصفقة فى البداية مريبة، ثم يطمئن إليها، يطلب أولا الذهاب للصيدلية وندرك أنه يبحث عن (فياجرا).

الموسيقى العصرية الممنوعة خاصة تلك التى يصاحبها الرقص نستمع إليها، الإيرانيون أقصد قطاعا منهم لم تغادرهم أبدا تلك الأحاسيس فى عشق الموسيقى، ويقيمون فى بيوتهم حفلات موسيقية بعيدا عن أعين الأجهزة، تحتفظ المرأة بقنينة ضخمة من الخمر عمرها عقود من الزمن، يتبادلان الكؤوس وتصنع له كعكة مفضلة لديها ونراه مستلقيا على السرير، وندرك أنه لبى نداء ربه، ولم تكن تلك أبدا هى النهاية، موته كان منتظرًا لأنه أسرف فى الحديث عن خوفه من الموت وحيدًا، ما جاء بعد ذلك هو الأهم، وهى تضع قطعة من التورتة فى فمه قبل أن تحيك له كفنًا من (اللحاف) الذى كان يتغطى به وتدفنه فى حديقة منزلها الصغيرة.

لن تسأل قطعا بعدها عن شىء متعلقا بالموت ولكن بالحياة المؤكد أنها عاشت ليلة بعد ثلاثين عاما مع رفيق لها.

لم تكن بينهما مشاعر جنسية بقدر ما يجمعهما الاحتياج الإنسانى للآخر، ونراها فى لقطة ختامية فى الحديقة المدفون بها الرجل الذى آنس وحدتها.

الإطار الخارجى ليس فى الحكاية بقدر ما هو فى الدعوة المبطنة لكشف مشاعر المجتمع الرافض للقيود وأيضا الرغبة للتحرر من خلال سيدة ورجل طاعنين فى السن، إلا أن الرسالة فى النهاية جاءت أكثر تأثيرًا.

الاقتصاد والتكثيف والإيحاء وليس الإفصاح هو قانون المخرجين فى التعبير، اللقطات القريبة والمتوسطة سيطرت على الشريط، ليصبح (كعكتى المفضلة) هو فيلمى المفضل فى المهرجان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حسين فهمى يوارب الباب ويسمح بالفيلم الإيراني حسين فهمى يوارب الباب ويسمح بالفيلم الإيراني



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا

GMT 13:24 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

''فريد غنام'' يطرح فيديو كليب ''الزين الزين''

GMT 20:55 2022 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جوجل تطمح لتقديم خدماتها بألف لغة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib