إنه عالم تسريبات وتسريبات ثم تسريبات

إنه عالم... تسريبات وتسريبات ثم تسريبات

المغرب اليوم -

إنه عالم تسريبات وتسريبات ثم تسريبات

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

قبل أكثر من 60 عاماً قدَّم المخرج ستانلي كريمر فيلمه الكوميدي الشهير «إنه عالم مجنون مجنون مجنون مجنون» بطولة سبنسر تراسي يتناول سباقاً جنونياً للفوز بمبلغ مسروق فشل أفراد العصابة في الاتفاق على تقسيمه فيما بينهم، قرر كل منهم الاستيلاء عليه بمفرده، وضاعت الصفقة في النهاية من الجميع.

نعيش شيئاً من هذا الآن، مع اختلاف التفاصيل، إنه عالم «التسريبات».

بين الحين والآخر تستمع إلى تسريب صوتي يدين شخصاً ما، ويرد المطعون بضربة مباغتة تحوي تسريباً آخر يدين الخصم، ضربة هنا وأخرى هناك، المفروض أن كل طرف يستشعر الخوف من الآخر ويفكر ألف مرة قبل أن يتحدث تليفونياً، إلا أننا نكتشف أن العكس هو الصحيح، حيث إن كلاً منهما يلقي بنفسه في المصيدة نفسها أكثر من مرة.

شاهدنا العديد من كبار رجال السياسة وقد تداول الناس لهم الكثير من التسجيلات، التي تكشف وجهاً آخر، تضعهم في مواقف لا يحسدون عليها أمام مواطنيهم، الناس كالعادة يشعرون بسعادة مستترة، وهم يرون ويسمعون العديد مما هو مسكوت عنه، الذي يتفوه به عدد من الشخصيات العامة.

يقول علماء النفس إن «الفضفضة» تلعب دوراً هاماً جداً في الحفاظ على الصحة النفسية للإنسان، بديهي بين الحين والآخر أن نبحث عمن نفضفض له، إلا أنَّ شيوع الخاص ليصبح عاماً يظل مأساة متكاملة الأركان، وهو ما تابعناه بقوة في الأسابيع الأخيرة.

ليست فقط مكالمات حديثة، بل بعضها مغرق في الزمن، وله من العمر سنوات، معنى ذلك أن هناك من خطَّط لكي تظل بحوزته تلك المكالمات، لتخرج في التوقيت الذي يراه مناسباً.

أصدقاء اليوم من الممكن أن يصبحوا أعداء الغد، ولهذا يحتفظ عادة كل منهم بوثيقة ربما يحتاج إليها يوماً ما.

تستخدم الآن تطبيقات في أجهزة المحمول تحول دون التسجيل، وإن كان البعض يؤكد أنه حتى ما يبدو أنه محصن، من الممكن أن يتم اختراقه، باستخدام برامج أخرى.

القضاء لا يعتد عادة بتلك التسجيلات، التي تفتقد الإطار القانوني، إلا أنها تلعب دورها في اكتساب الرأي العام، والذي صار يتمتع بقوة تلعب قطعاً دورها المحوري لخلق صورة ذهنية سلبية عن الشخصية المراد تجريسها.

الناس يتابعون بشغف، كلما وجدوا المشاهير يستخدمون مفردات خارجة في حوارهم، وهذا يرضي قطاعاً كبيراً من الجمهور ليصبح حديث «السوشيال ميديا»، محتلاً «التريند». إلا أن السؤال: هل الجمهور بالفعل يريد الحقيقة؟

إجابتي هي أنه لا يريدها ولا تعنيه من قريب أو بعيد، «الفرجة» و«الشماتة» هما الهدف، يشعر البعض بالسعادة عندما يستمع إلى شخصية سياسية أو فنية وهي توجّه السباب لأخرى، إنها واحدة من الحروب، التي ترى فيها الجميع يلهثون وراء استخدام سلاح هتك الأعراض. الحجة المتداولة «البادي أظلم»، ولا أحد من الممكن أن يعترف بأنه البادئ، الكل يتشبث بأنه الضحية ومجبر على رد الطعنة بأسوأ منها، على طريقة شمشون الجبار «علي وعلى أعدائي»، الضربة الأخيرة في المعركة هي هدم المعبد على رؤوس الجميع.

انفلات متعدد الأوجه مثل القنابل العنقودية، خانت دليلة شمشون وحلقت له وهو نائم شعر رأسه «سر قوته»، وتمكن أعداؤه من التنكيل به فقال في النهاية لا أنا ولا أعدائي. تلك هي المأساة التي نتابعها، طلقات السلاح لا توجه فقط للعدو القابع على الجانب الآخر، الطلقات تعيد تغيير مسارها وترتد لتخترق أيضاً جسد من أطلقها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنه عالم تسريبات وتسريبات ثم تسريبات إنه عالم تسريبات وتسريبات ثم تسريبات



GMT 00:06 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

استقرار واستدامة

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

نسخة ليبية من «آسفين يا ريّس»!

GMT 23:59 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بضع ملاحظات عن السلاح بوصفه شريك إسرائيل في قتلنا

GMT 23:58 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

ليبيا... أضاعوها ثم تعاركوا عليها

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

الأديان ومكافحة العنصرية في أوروبا

GMT 23:52 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

إن كنت ناسي أفكرك!!

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

سوء حظ السودان

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib