يمنحوننا البهجة ونحرمهم من الدعاء

يمنحوننا البهجة ونحرمهم من الدعاء!

المغرب اليوم -

يمنحوننا البهجة ونحرمهم من الدعاء

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

من الذى أفسد إلى هذه الدرجة مشاعرنا تجاه من يعيشون معنا ونعيش معهم، نصلى الجمعة ونعبد الله الواحد الأحد، هم يصلون الأحد ويعبدون الله الواحد الأحد؟!.

لاحظنا جميعًا أن هناك قلوبًا من حجر وبدرجة إيمان صفر مربع، يعتقدون أن الله خلق الجنة فقط للمسلمين، رغم أنهم لا يشكلون أكثر من ٢٠ فى المائة من عدد سكان العالم، والباقى فى جحيم إلى أبد الآبدين، وهكذا شاهدنا مع رحيل نجوم كوميديا بحجم جورج سيدهم والمنتصر بالله وإبراهيم نصر وصولًا إلى لطفى لبيب وغيرهم، من يحرّم الدعاء لهم بالجنة، بحجة أنهم لم ينطقوا الشهادتين.

هؤلاء الفنانون منحونا البهجة فى الدنيا، وبمجرد الرحيل نستمع إلى أصوات لها ملامح السيوف، تقول لا يستحقون المغفرة ولا الرحمة، معتبرين أن من يدعو لهم بالجنة يرتكب معصية عقابها المستحق أن يحشر معهم فى النار.

يقولون: لماذا تدعو لهم بالجنة وهم لا يدينون بالإسلام؟ ترد عليهم: ندعو للجميع، خاصة من أسعدونا فى الدنيا، فيصبح الواجب مضاعفًا، إلا أنهم يعودون بنا دائمًا للمربع رقم واحد، قائلين: (لم يسبق لهم أن أعلنوا الشهادتين).

مع رحيل مشاهير الأقباط، خاصة الذين تقف أسماؤهم فى منطقة محايدة، مثل إبراهيم ولطفى والمنتصر، لا تشى الأسماء مباشرة بالديانة، المتفرج عادة يكتشف عند إعلان مكان الوداع أن هذا الفنان مسيحى، على الفور يملأ المتطرفون (النت) بكلمات نارية تحرمهم من كل حقوقهم، قائلين: عتبة الجنة لا يمكن أن يقطعها من لا يحملون وثيقة الإسلام. مع الأسف، صرنا نعتبر مادة الدين رئيسية فى تحديد المجموع، ويسعى البعض لعودة (الكتاتيب) التى كانت سائدة فى مصر خلال الأربعينيات والخمسينيات.

عندما نحب فنانًا مسيحيًا ويعز علينا عدم دخوله الجنة، نعلن على الفور أنه أشهر إسلامه قبل الرحيل، مثلما أشاعوا عن نجيب الريحانى أنه أسلم قبل أن يأتى إليه عزرائيل بلحظات، كان الريحانى يتبرك بالمصحف الشريف ووجدوه بجواره عند الرحيل، كما أنه كان صديقًا شخصيًا للشيخ محمد رفعت، ويحب سماع القرآن الكريم بصوته.

الثقافة المريضة التى تربينا عليها هى المسؤول الأول عن هذا التردى، مثلما ندعو للشفاء للمسلمين فقط بدلًا من أن يمتد الدعاء للبشر أجمعين.

هل نحن نربى أولادنا حقًا على التسامح، هل نحن تربينا أساسًا على التسامح؟!، لم يدرك أغلبنا أن ما نعيشه من تدهور يأتى أساسًا من غياب تلك الفضيلة.

أتذكر الشاعر الكبير الراحل أحمد شفيق كامل، مؤلف أغنيات مغرقة فى العاطفية لأم كلثوم، مثل (إنت عمرى) و(أمل حياتى) و(الحب كله) وغيرها.

كان الأستاذ شفيق قد تعرف فى سنوات عمره الأخيرة على الشيخ محمد متولى الشعراوى، وصار من حوارييه وأتباعه، وبناء على نصيحته اعتزل شفيق كتابة الأغانى العاطفية، وفى مرحلة ما كان يحرم أيضًا أن يحصل على قيمة الأداء العلنى لأغنياته على اعتبار أن فلوسها حرام.

سألت الأستاذ (شفيق): أسعدتنا وأدخلت السكينة فى قلوبنا ولا تزال موسيقى بيتهوفن، فهل تعتقد أنه سيدخل النار مع كتاب لم يقرأوا الشهادتين مثل شكسبير وموليير وديستوفسكى؟.

أجابنى بأن هذا السؤال بالفعل كان يؤرقه، وسأل الشيخ الشعراوى فقال له: غير المسلم يلقى جزاءه عن الأشياء العظيمة التى قدمها فى الحياة فقط فى الحياة، قلت له: أى أن مصيرهم هو العذاب؟ أجابنى: قطعًا وبئس المصير.

كلما تذكرت شاعرنا الكبير أحمد شفيق كامل دعوت له بالجنة والمغفرة، مثلما أدعو لنجيب الريحانى وجورج سيدهم وإبراهيم نصر والمنتصر بالله ولطفى لبيب.. لعلهم جميعًا يلتقون الآن فى الجنة!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يمنحوننا البهجة ونحرمهم من الدعاء يمنحوننا البهجة ونحرمهم من الدعاء



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 23:15 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر
المغرب اليوم - إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib