ألق الحضور والغياب

ألق الحضور والغياب

المغرب اليوم -

ألق الحضور والغياب

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

تبدو المرثيات في محمد بن عيسى وكأنما كتبها رجل واحد، أو بالأحرى صديق واحد، أو في لغته وموداته، خِل واحد. فقط من إعلان غيابه عرفت كم كان عمر صاحب ذلك الحضور الشفاف، الجميل والمتألق على الدوام. ما من مرة خطر لي أن أتساءل خلال أربعين عاماً، كم عمر هذا الوزير، السفير، الأديب، الذي يملأ الأمكنة ألقاً، وإنماء، وثقافات، وحيوية لا تنضب إلا لحظة الإعلان عن ختام الحضور.

لم يكن في حياة محمد بن عيسى خصومات، أو استراحة، أو فراغ. بعدما ترك المناصب اخترع لنفسه المهمات، وابتكر لبلده مدينة أصيلة، مقر اللقاءات والمهرجانات والروابط العربية مغرباً ومشرقاً وأفارقة. وكان مندوب المغرب الدائم في المشرق، وموفد المشرق فوق العادة في النواحي المغربية. وكان يحرص دائماً على القول إن أحب عمل لديه كان عمله الأول: مصور الوفود العربية لدى الأمم المتحدة.

ذات مرة التقط المصور صوراً في استقبال إقامة وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الأحمد، وبعد سنوات التقيا في مؤتمر وزراء الخارجية العرب، وفوجئ الشيخ صباح بوزير خارجية المغرب يصافحه قائلاً: شيخ صباح، هل عرفتني؟

كان كنزاً مليئاً بالأخبار والأسرار واللطائف. وقد وضع هذا الكنز في خدمة أصيلة التي أخرجها من المدن الصغيرة المنسية لتصبح اسماً، وعلماً، ونجمة من نجوم الساحل. ومع السنين لم يعد معروفاً إن كانت أصيلة قطعة من المشرق على الضفاف المغربية، أو العكس. ولا كان ذلك مهماً. المهم دائماً كان «العامل على أصيلة» لما كان أمير المؤمنين يسمي ولاته على المقاطعات.

في مطلع شبابه حصل محمد بن عيسى على وظيفة في «المخزن» (الديوان). وحضر في اليوم الأول يقود سيارة صغيرة متواضعة. وفي اليوم التالي، استدعاه أمير المؤمنين بنفسه، وقال له الحسن الثاني: يا محمد، هذه السيارة سوف تقلل من هيبتك أمام الموظفين الآخرين. لقد خصصنا لك مبلغاً لشراء سيارة مناسبة.

بعد ذلك سوف يعمل إلى جانب الحسن الثاني وزيراً للثقافة، ووزيراً للخارجية، وسفيراً في واشنطن، يترك في العاصمة الأميركية أثراً لا ينسى بين السفراء العرب.

كل مَنْ عرف «سي بن عيسى» سوف يشعر بأنه فقده وحده. كانت له تلك القدرة التلقائية العفوية على أن تشع منه إلفة لا ينافسها إلا... ألقه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ألق الحضور والغياب ألق الحضور والغياب



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 23:15 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر
المغرب اليوم - إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib