تواصل التلوث

تواصل التلوث

المغرب اليوم -

تواصل التلوث

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

 

القضية مطروحة دائماً: هل تقرأ كاتباً بعد معرفتك بأن حياته الخاصة كانت شديدة الرداءة؟ الأكثرية تقول إن المهم هو النتاج، وليس صاحبه. أنا رجعي تقليدي، ومن أصحاب الرأي الثاني. ليس في إمكاني أن أقرأ إنساناً غارقاً في القرف.

كنتُ معجباً في بدايات القراءة بأعمال سومرست موم، وطوماس مان (الجيل السحري). وصدرت فيما بعد كتب عن سيرتهما الذاتية تثير التقزز. النتاج نفسه لم يتغير، لكن صورة المؤلف على حقيقته لا يمكن فصلها عن عمله. وفي الإمكان أن تمضي حياتك من دون الاطلاع على عملين جميلين كتبهما قلمان بشعان جداً.

منذ انتشار وسائل التواصل، قررت أن هذا عالمٌ لا علاقة لي به. لا بلغته ولا بأخلاقياته، ولا بفظاظاته، وأحقاده، ودناءاته. وبعد التجربة تبين لي أنني أستطيع العيش من دون أن أعرف مستوى هذا الجنس من مواطني، كما استطعت العيش من دون العودة إلى جان جينه، وطوماس مان. هناك مادة للقراءة في هذه الدنيا تكفي لمئات السنين، أصحابها بشر عاديون.

اطلعت مرغماً في الآونة الأخيرة على مقتطفات من حروب وسائل التواصل. وكل مرة أتساءل: هل هذا الرجل (وخصوصاً هذه المرأة)، من بلد واحد وأرض واحدة، وشعب واحد؟ هل قرأنا في الكتاب نفسه، ودخلنا المطعم نفسه، وأنشأنا أبناءنا على الأعراف والتقاليد نفسها؟ أم أن هذه قصة طوماس مان، تتكرر من عصر إلى عصر، بكل اللغات وبكل السقطات البشرية، التي تتحول مع الوقت إلى حياة قاعدتها السقط، ولا يعود أحد يميز بين وسائل التواصل كوسيلة، وبينها كمنهج ونمط حياة.

في الماضي كانت الناس تتحاشى رفاق السوء، وتتجنب الرجل «الذي يفلتّ الكلام، وكانت البذاءة مستنكرةً، والسفه نكيراً. اللغة التي يستخدمها «السوشياليون» الآن تحريض، وقتل، وغرائز، تحمل كهوفها على أكتافها.

المشكلة هنا أننا أمام جماعة، لا أفراداً. جماعات جماعات تتنافس في مباراة تعميق الظلام، ورفع راية العتم، وتقديس العنف، والخراب. تلغي هذه التربية الملوثة مفاهيم الكرامة البشرية، وتسطح المسافة بين البطولة والجريمة. ولا تعود تعرف طوماس مان... من طومان مان!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تواصل التلوث تواصل التلوث



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - المغرب اليوم

GMT 16:43 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء
المغرب اليوم - منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء

GMT 16:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره
المغرب اليوم - الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فائزة رفسنجاني تُثير الجدل مجدداً وتؤكد أن والدها تم اغتياله
المغرب اليوم - فائزة رفسنجاني تُثير الجدل مجدداً وتؤكد أن والدها تم اغتياله

GMT 22:06 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الفيفا يهدد يإنزال الرجاء إلى دوري الدرجة الثانية

GMT 06:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض فني بمركز الأطفال المعوقين في عسير

GMT 01:55 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

العصبة تصدر عقوبات بالجملة في حق الأندية

GMT 19:17 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

تعرف على أفضل وأرقى المطاعم في العالم العربي

GMT 11:15 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

الحذاء "الكاجوال" وطرق تنسيقه مع الملابس

GMT 03:47 2018 السبت ,28 تموز / يوليو

تركيا تخشى تكرار سيناريوهات الجنوب الغربي

GMT 07:35 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

سعر سامسونج جلاكسي نوت 9 المنتظر

GMT 20:46 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

نبيل درار يفتح النار على الحكم الأميركي غيغر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib