الدرس الأول محاماة شرشف أبيض

الدرس الأول محاماة: شرشف أبيض

المغرب اليوم -

الدرس الأول محاماة شرشف أبيض

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

يتابع المحامي الذي أصبح كهلاً الآن: كان الشاعر يحكي وأنا أفكر في طريقة للهرب. فجأة سمعت صوت الباب يفتح. ودخلت سيدة أنيقة في منتصف العمر. ألقت التحية وقبلته في جبينه. وعرّفني إليها. إنها مديرة المنزل. اعتذرت السيدة من فوضى الكتب، وقالت إنه يعدها كل يوم بأنه سوف يسمح لها بتنظيم المكتبة. لكن كل يوم تزداد الرفوف أحمالاً. تطلع إليها وقال ضاحكاً: لقد اتفقت مع هذا المحامي أن يتولى المسألة. وشعرت السيدة المسكينة بالشفقة عليّ، وقالت معترضة: سعيد، اترك هذا الشاب لمستقبله. هذه ورشة تحتاج إلى سنين. وقام الشاعر العملاق يتمشى في الدار، ثم ضحك وقال لها: إنني أحاول أن أعطي هذا الفتى درساً في الحياة. جاءنا يقرع الباب وكأنه بائع متجول، وكأنني لا عمل لدي سوى انتظار الغرباء الذين يريدون إضاعة أوقاتهم. لذلك، قررت أن أُنزل به عقاباً خفيفاً. طلبت منه أن يحلق ذقني، وأن يرتب المكتبة، ولولا وصولك كنت سأعرض عليه أن يغسل «شرشف الأفكار» (غطاء). وانفجر كلاهما في الضحك. ثم دخلنا ثلاثتنا في نوبة من الضحك العالي، بينما أنا أتساءل عن شيء أسمع به لأول مرة في عمري هو «شرشف الأفكار».

جلس الشاعر الكبير يروي على طريقته وبكل الحركات التمثيلية أنه عندما كان نائماً ذات ليلة أيام شبابه، خطرت له قصيدة، فأخذ يبحث عن ورقة وقلم قربه، فوجد القلم ولم يجد الورقة، فماذا يفعل لكي لا تضيع القصيدة؟ راح يكتبها على الشرشف. وصار بعدها كلما خطرت له خاطرة، لجأ إلى الشرشف الذي تحوّل إلى ديوان لكثرة ما كُتب عليه من أبيات شعرية وأفكار.

كانت تلك إحدى «ألعاب» سعيد عقل. وكان يعرف أن الناس سوف تتداولها، مثل غرائبه الأخرى، وأكثرها يدور حول إعجابه بنفسه. يجب أن يكون مختلفاً في كل شيء. وفي الحقيقة أنه كان يبدو في قامته الممشوقة مثل تمثال متحرك. وظل محافظاً على تلك الصورة إلى أن تجاوز المائة عام.

لم يغير لحظة المنزل الذي عاش فيه. وقد سألت المحامي صاحب الرواية إذا كان المنزل قد تغير، وماذا حدث للشرشف الشعري، فقال إنه ظل يداوم على زيارته حتى وفاته. وكان يرى أن مدبرة المنزل كانت ترتب الأشياء كأنها متحف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدرس الأول محاماة شرشف أبيض الدرس الأول محاماة شرشف أبيض



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 23:15 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر
المغرب اليوم - إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib