مدن السلاح

مدن السلاح

المغرب اليوم -

مدن السلاح

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

هناك مدينتان تحملان اسم طرابلس؛ الأولى في ليبيا، وتسمى «طرابلس الغرب»، لتميزها عن طرابلس الثانية في لبنان. وكانت تُعرف بطرابلس الشام. الأولى كبرى مدن ليبيا. الثانية ثاني أكبر مدن لبنان. كلتاهما على المتوسط. كلتاهما الآن في خوف من فوضى مريعة، سببها الأخطر والأهم، السلاح.

يتراوح خطر السلاح بين المدينتين والبلدين، لكنه العنصر الأساسي في تصاعد الخراب وتفاقم الكارثة. وفي الحالتين، كلما قوي السلاح ضعفت الدولة، أو العكس. لكن الفارق أن طرابلس الأولى قلب ليبيا، وطرابلس لبنان مهمشة منذ الاستقلال، وتبدو بعض مناطقها مثل قندهار.

ربما هناك شاطر يعرف على ماذا يتصارع اللبنانيون، لكن لماذا، أو على ماذا، ينجرف الليبيون نحو القتال الأهلي؟ وماذا يحملهم على قصف بعضهم بعضاً، وتهجير المدينة الجميلة؟

على ماذا يتحارب الليبيون وهم يملكون واحداً من أكبر وأغنى بلدان الأرض؟ تقريباً بحجم غرينلاند. ولكن من دون نفنافة ثلج، أو قطعة جليد، وبطقس من أكثر المناخات اعتدالاً. أرض وبحر ونفط للجميع، فلماذا عجز وسطاء العالم عن إقامة حكومة عادية؟ من أين يتدفق كل هذا السلاح على شوارع طرابلس؟ كان الأخ القائد يريد توحيد الوطن العربي الكبير، حيث فشل مثل عبد الناصر، وانتهى يصرخ في وجه 6 ملايين ليبي: «من أنتم؟!».

لم تدمر محنة «الربيع العربي» الأمة فحسب، بل بدّدتها تحت وطأة السلاح: سوريا، والعراق، واليمن، ولبنان. ونجت تونس من هذا المصير؛ لأن زين العابدين بن علي تعقّل، وخرج باكراً. ولأنه اختار بلداً لا يريد تشجيع الأبطال على تمزيقه إرباً تحت شعارات صدئة، مملة، وتفوح منها روائح الاجترار والعفن والفساد.

إذا تفشى السلاح في ليبيا الآن، فأي قوة تستطيع لمّه أو استرجاعه؟ وكما يقال دائماً، الخوف ليس على ليبيا وحدها في هذه الساحة الجديدة، بل على تونس ومصر. مع قلق لا مفر منه في ساحة المغرب.

جميع الأحداث الأخيرة في ليبيا، لها طابع واحد: استقواء السلاح غير الشرعي، وتهاوي السلطة المركزية. وليس اكتشافاً القول إن في الصراع بين السياسة والمسدس، تصبح المرجعية عند صاحب الزناد. مهاجمة البرلمان في طرابلس «الغرب»، وازدراء المؤسسات الحكومية الأخرى، إشارة سيئة جداً إلى المرحلة التي وصلت إليها البلاد بعد عقد من التفكك، لم يضع له أحد حداً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن السلاح مدن السلاح



GMT 15:28 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مسلم ــ شيوعي ــ يساري

GMT 15:24 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مَن يعبر مِن حرائق الإقليم؟

GMT 15:23 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

«الثنائي الشيعي» و«كوفيد ــ 26»

GMT 15:21 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

قتل العلماء أو قتل القوة؟

GMT 15:20 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

الغباء البشري

GMT 15:19 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

صلاح ومحمود «بينج بونج»!

GMT 00:48 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

شيماء الزمزمي بطلة للمغرب في رياضة الجمباز

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:56 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تنصيب ناروهيتو إمبراطورا لليابان رسمياً

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحتضن أول بطولة عربية في مضمار الدراجات «بي.إم .إكس»

GMT 08:59 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تؤكد وجود الكثير من النساء الذين يفقنها جمالًا

GMT 04:17 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الدرك الملكي يحجز كمية مهمة من المواد المنظفة المزيفة

GMT 13:09 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

اليمن: حملة توعية بالحديدة بأهمية حماية البيئة

GMT 15:36 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تشييع جثمان الجنرال دوكور دارمي عبد الحق القادري
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib