المُقتلعون

المُقتلعون

المغرب اليوم -

المُقتلعون

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

عندما قامت الثورة الفلسطينية في الستينات، كان بين أدبياتها استخدام عبارة «النازحين». كذلك كانت هناك ناحية قانونية تتضمنها عبارة النزوح، باعتبارها وصفاً لعمل مؤقت ينتهي بمجرد انتهاء ظروف النزوح.
أقرأ يومياً ما يرويه النازحون من أوكرانيا إلى بولندا المجاورة، وقد أصبح عددهم حتى الآن نحو خمسة ملايين امرأة وطفل وعجوز، وقد تركوا الرجال خلفهم يقاتلون. ومن قراءاتي توصلت إلى أن أفضل وصف لهؤلاء البشر هو المقتلعون. إنهم يُقتلعون من بيوتهم وأرضهم وديارهم، مثل اقتلاع الضرس من جذوره وشرايينه الصغيرة التي لا تُرى.

لا نعرف الكثير عن أصحاب هذه الأسماء. لكن حكاياتهم تذكرنا بالفلسطينيين، ثم اللبنانيين، والسوريين، والعراقيين، والليبيين، الذين اقتُلعوا من بيوتهم وأرضهم وأوصالهم، وطافوا يبحثون عن سقف ولقمة وكلمة طيبة. تقول إحدى الأوكرانيات: كنا نرى هذه المشاهد في السينما عن الحرب العالمية الثانية، ونعتقد أنها لا يمكن أن تتكرر، لكنها نعيدها بأنفسنا اليوم، وعلى نحو أكثر قسوة وهمجية. وتقول أخرى، وهي تحتضن طفلتها، «لم يعد في إمكاني تحمل سماع كلمة بالروسية».
تصور منزلاً في قرية بولندية: كان يتسع لخمسة أشخاص، والآن يضم مع اللاجئين 13 شخصاً. أهل البيت متضايقون وضيوفهم متضايقون بأنفسهم، والجميع لا يعرفون لماذا ومن أجل من يدفعون هذا الثمن، ولا لماذا على هذا الكم من البشر أن يُقتلعوا من حياتهم بسبب بوتين أو زيلينسكي أو أي مخلوق آخر.
إليك ما يحدث في ليبيا الآن حيث رفع العقيد شعاره الشهير «البيت لساكنه». حسناً. ولكن الدولة لمن؟ وأي مشهد هذا المشهد: حكومة شرعية بأكملها تنتقل من العاصمة إلى سرت، التي كان العقيد قد أنشأها لمثل هذه الحالات الطارئة، ولكن ليس إلى هذه الدرجة. هذا المشهد رآه العالم من قبل في الكونغو. وفي لبنان. حكومتان وعاصمتان ومن يدري ماذا يكون العدد غداً. ومن يجزم بأنه لن تقوم حكومة أخرى في طبرق. أو بنغازي.
أراد القذافي ليبيا مركزاً لإغراق أوروبا بفقراء أفريقيا، فإذا هي اليوم غارقة بفقرائها. وللمرة الأولى في تاريخها صار لها جاليات في الخارج مثل اللبنانيين والسوريين والعراقيين. ووقف اللبنانيون بالآلاف في عواصم العالم يقترعون ضد السلطة التي حولتهم، للمرة الأولى منذ مجاعة الحرب العالمية الأولى إلى لاجئين اقتصاديين.
شعوب بأكملها يقتلعها من أوطانها الحقد السياسي والتكبر العنصري ومشاعر التماسيح التي لا ترى ما يحل بالبشر. شعوب على الطرقات وعلى الحدود وفي الخيام وغرقى في الزوارق من طرابلس الغرب إلى طرابلس الشرق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المُقتلعون المُقتلعون



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 15:02 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا سعيدة بإهداء دورة مهرجان القاهرة السينمائي لشادية

GMT 01:36 2014 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"لارام" تلغي الخط الجوي الرابط بين الحسيمة والدار البيضاء

GMT 00:59 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

10 نصائح للفوز بفستان زفاف أنيق يوافق المرأة في سن الأربعين

GMT 23:42 2024 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

نيللي كريم تُصرح أن جائزة جوي أووردز كانت مفاجأة

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

إشبيلية يفشل في تأجيل سفر النُصيري

GMT 16:35 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ديكورات لحفلات الزفاف الخارجية لصيف 2023

GMT 23:09 2023 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

السعودية تجمع 10 مليارات دولار من إصدار سندات

GMT 16:37 2022 الأحد ,09 كانون الثاني / يناير

4 غيابات للأسود في أولى مباريات "الكان

GMT 21:54 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توقّعات العرّافة البلغارية العمياء بابا فانغا لعام 2021

GMT 22:53 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروغوياني يعلن إصابة لويس سواريز بـ فيروس كورونا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib