«ودارت الأيام»

«ودارت الأيام»

المغرب اليوم -

«ودارت الأيام»

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

مضى نصف قرن على غيابها ونحو قرن على ظهورها طفلة، ثم آنسة، ثم سيدة تُعرف بلقب «كوكب الشرق». كانت عصراً أو زمناً كاملاً. عصر له شعراؤه وموسيقيوه، وله خصوصاً، جمهوره الذي يخرج إلى حفلاتها بالآلاف، أو يتسمّر إلى الراديو بالملايين، ويوم غيابها، خرجت مصر بأربعة ملايين إنسان، وأكبر جنازة في تاريخها. تبكي رحيل «الست».

كان ذلك نهاية زمن الطرب العربي منذ بدايته في العصر العباسي. ولن تتكرر، أو تظهر «ست» أخرى خلال نصف قرن. ولن يصدح صوت يطلب من صاحبته أن تبقى نحو متر بعيدة عن الميكروفون لئلا تشقه. حنجرة قوتها 12000 هزة على مقياس الارتجاج (vibrometer).

لكن سرّ «الست» وسحرها لم يكونا في الطبقات الصوتية. كانا في عبقرية الحضور، وفي وقار العشق، وقد رفعت مرتبة المسرح الشعبي وطوّعت غناء القصيدة، وروّضت الآهات والتنهدات.

وماذا بعد؟ لا قبل ولا بعد. تغيّر زمنها، وتغيّرت أجيالها، وغادر الشعراء من متردم. لم يعد مألوفاً أن تغنّي سيدة طوال الليل، والناس تهتف. لم يعد مؤنساً أن يكون أعضاء الفرقة الموسيقية قد تجاوزوا السبعين. كل شيء لم يعد كما كان. أصبحت أغاني «الست» من كنوز «ماسبيرو» القديمة، قلة تعرف رياض السنباطي اليوم. وقلة تملك الوقت للاستماع إلى الأغاني الطويلة، والمسرح الملتهب حماساً.

هي حكاية الأزمان في كل مكان. الأجيال الجديدة في فرنسا لا تعرف شيئاً عن إديث بياف، وفي بريطانيا لا حضور لشارلي شابلن إلا في المتاحف. لكل زمن إيقاع. ليس فقط زمن أم كلثوم قد ذوى، بل ذوى معه زمن المبتكرين الذين صنعوه ورصّعوه. كم نحن، أهل الماضي، مدينون لسيدتنا «الست». كم فرحاً وكم طرباً وكم شجناً ملأت عروقنا، لكن العزيزة بعدت في الغياب، نحن بعدنا في السنين... ودارت الأيام، على جري عادتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ودارت الأيام» «ودارت الأيام»



GMT 18:24 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

الملكة تُلَقِّنُ العالَمَ دَرْسًا أخلاقيًا

GMT 18:15 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

لائحة الشرف

GMT 18:14 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

العلم هو الحل

GMT 18:12 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

لحم أحمر ولحم أبيض!

GMT 18:11 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

الدول الفاشلة

GMT 18:03 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

جي دي فانس... الخروج إلى دائرة النور

GMT 18:00 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

طبول الحرب تقرع في طرابلس

GMT 17:57 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

كنا نظنها حالة فريدة

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 20:49 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 22:46 2025 الجمعة ,08 آب / أغسطس

إندريك يحصل على القميص رقم 9 في ريال مدريد

GMT 22:01 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الاتحاد المغربي يسلم ملعب بن سليمان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib