شجر الظلال
أخر الأخبار

شجر الظلال

المغرب اليوم -

شجر الظلال

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

للمرة الأولى منذ بدأت القراءة، تقع أمامي (في الإنجليزية) هذه العبارة: أشجار الظلال، أو أشجار الفيء، أو شجر الألفباء. والمقصود بها، الشجر الذي يورق عشرات السنين، ويعطي الحياة للأرض، ويأخذ منها حياته. ويوفر الخشب والحطب، ويرسل الهواء والريح، ويوزع الخصب والنسيم، لكنه لا يثمر ويشم.

لماذا لا يثمر؟ لأنه يكفيه ما يقدّم مما تقدم. بعدما قرأت العبارة انتبهت للمرة الأولى إلى شجرتين قبالة شرفتي: واحدة شجرة سرو، والثانية لا أعرف لها اسماً. لكنني منذ الآن سوف أسميها شجرة فيء. أو شجرة ظل.

نبتتا، منذ فترة، بكل حرية أمام المنزل. تزدادان نمواً كل عام بما تنهلان من الطبيعة وفصولها وطاقاتها. كل صباح تملأ العصافير الصغيرة والكبيرة شجرة السرو. تنتقل فوق الأغصان مثل المجانين، تتناول فطورها في نهم أعلى الشجرة وأسفلها. وما من عصفور واحد يحط على أغصان جارتها، شجرة الظل. هكذا من الصبح إلى المساء. صيفاً وبعض الشتاء. فالشجرة المورقة تتعرى تماماً في البرد، بينما جارتها السروة فصولها جميع الفصول. توزع المحاصيل في جميع الفصول، وتملأ المناقيد فرحاً، والأجنحة الصغيرة رفرفة.

لا سباق بين الاثنتين إلا في طلب الارتفاع. السروة تحلق في فضائها، تحمل البذور وتغني لها. وشجرة الظل تتظاهر بأن الأمر لا يعنيها. شجرتان: مثل الناس. طبقات طبقات، وفئات فئات. مثمرون وطفيليون وعلى الأقل، مورقون. لكن الناس تتقاتل والشجر لا يقاوم إلا الريح والعاصفة. استمرت إحدى العواصف في أميركا اللاتينية خمسة أشهر. تعصف، وترعد، وتقصف، وتزبد، وتهطل الأمطار غزيرة كاسحة، وتحمل السحب السوداء، ثم تبرق بها برقاً رهيباً، وتدوي دويّاً مهولاً. وظن الخائفون المتضرعون أنها الساعة نفسها، وليست أشراطها، أو تناثرها، وتدفقت المياه جداول، وتجمعت بحيرات حمراء موحلة. وقال المتقدمون إن مطر هذا الفيضان سوف يكون أكثر قتلاً من الجفاف الذي ضرب كاراكاس، وجعل الجرذان تملأ المدينة بحثاً عن نقطة ماء. أو شبهاً له.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شجر الظلال شجر الظلال



GMT 15:13 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

وثائق وحقائق

GMT 15:11 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

متى يصمت المحللون والمعلقون؟!

GMT 15:10 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

جنازة جوتا و«إللّي اختشوا ماتوا»

GMT 15:08 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

عن السلم والإذلال والمسؤوليّة الذاتيّة

GMT 15:05 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

قسمةُ ملايين

GMT 15:03 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

جهة أخرى يعلمها الله!

GMT 15:02 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

إعلان إفلاس

GMT 00:41 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

أمل جديد لعلاج الجروح دون تندّب
المغرب اليوم - أمل جديد لعلاج الجروح دون تندّب

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib