عمالقة الركام

عمالقة الركام

المغرب اليوم -

عمالقة الركام

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شنّت قوة من «حماس» هجوماً مباغتاً في «غلاف غزة» على مجموعة من الإسرائيليين الغافلين، أدّى إلى مقتل أكبر عدد منهم منذ المحرقة.

كان ذلك أكبر تحد للقوة الإسرائيلية، وبداية حرب تتصاعد كل يوم. استخدمت إسرائيل في هذه الحرب أقصى أدوات القوة، وأحدث أدوات البطش، وتجاهلت جميع المواثيق والمعاهدات. وكل يوم كان العالم يفيق متوقعاً أن تعلن غزة هزيمتها، لكن كل يوم العالم يفيق، فيرى غزة تقاتل. كل يوم. يلعلع صوت الجزار في كل مكان، ويهدد ويرفع عدد القتلى، ويرمي الجائعين بالرصاص، ويزمجر. ويرمي الجائعين بالطناجر الفارغة. ويبتلع هزيمته.

أنهى الإسرائيليون حرب النكسة في ستة أيام معتمدين المفاجأة. مضى عامان تقريباً وغزة تقاتل. تموت وتقاتل. تجوع وتقاتل. تدمر وتتحول إلى ردم وركام وهياكل عظمية. وتصمد.

بالطناجر الفارغة تخوض غزة حرباً شبه عالمية. لم يبق فيها مبنى، أو دكان، أو جدار، أو مرفق صحي، أو سرير طفل. وتقاتل. وكلما استعرض الجزار الوضع في «الكابينت» جنّ جنونه وفتح مخزن الصواريخ، ورأى أن الذي يفقد أعصابه هم وزراؤه، وليس أهل القطاع. ما من مشهد أكثر تعبيراً من هجوم إيتمار بن غفير على زنزانة مروان البرغوثي مهدداً. تصور مدى الشجاعة والبطولة: تهاجم أسيراً مكبلاً، خلافاً لكل القواعد، بما فيها المتوحشة!

بالنسبة للبعض بدا البرغوثي في نحوله وتقدمه في السن، مثل مانديلا. منسي في أشداق الظلمة وقاع الظلام. إرادة صلبة، يبدو بن غفير أمامها رجلاً يخاف سجينه ويرتعب من حريته. مشهد نادر في الصور التاريخية: الذي يرتجف خوفاً هو السجان ووزير الأمن.

يجب أن أوضح، لكيلا أتهم بالتقليد، أنني كنت أتمنى بالتأكيد عذاباً أقل لأهل غزة، ومعاناة أقصر، وحياة خالية من مشهد طناجر المجاعة. كنت أتمنى لهم هدنة موقتة، أو علبة حليب لأطفالهم، أو ساعتين من النوم كل يوم. لكنهم تجاوزوا تمنياتنا. وحقروا الجبن الإنساني في هذا العالم. وجعلوا الأمم تنسى مشاهد هيروشيما ودرسدن وبرلين. وفي أي حال لم يكن فيها كلها رجل يقف فوق الهياكل العظمية، وينفي أخبار المجاعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عمالقة الركام عمالقة الركام



GMT 15:19 2025 الأربعاء ,27 آب / أغسطس

ترمب اللائم الدائم لبايدن

GMT 15:15 2025 الأربعاء ,27 آب / أغسطس

«الهويّة» بين دعاتها ومعارضيها

GMT 15:11 2025 الأربعاء ,27 آب / أغسطس

فلسطين ياسر عرفات وأحمد ياسين

GMT 15:07 2025 الأربعاء ,27 آب / أغسطس

عن فوضى الحداثة وأوان «التكنوفاشيزم»

GMT 14:59 2025 الأربعاء ,27 آب / أغسطس

ماذا جرى للمصريين؟

GMT 14:55 2025 الأربعاء ,27 آب / أغسطس

العلم ونظرة جديدة إلى الموت

GMT 14:52 2025 الأربعاء ,27 آب / أغسطس

من الذي شد «الفيشة»؟

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,27 آب / أغسطس

«الواسطة» أسلوب حياة

أمل كلوني تخطف الأنظار في فينيسيا ضمن استعدادات النجمات لانطلاق مهرجان السينما

البندقية ـ المغرب اليوم

GMT 15:51 2024 الجمعة ,16 شباط / فبراير

ارتفاع عملاء "اتصالات المغرب" إلى 76 مليوناً

GMT 18:26 2023 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إصابة 3 عناصر من الجيش اللبناني جراء غارة إسرائيلية

GMT 16:54 2023 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

لوي أوبيندا يبتعد عن مانشستر يونايتد

GMT 12:06 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

ديمة قندلفت تجمع بيت الجرأة والنعومة في إطلالاتها

GMT 15:33 2022 الأربعاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

وول ستريت تغلق على ارتفاع طفيف بعد تراجعها لأربع جلسات

GMT 21:02 2022 السبت ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

يوتيوب يطلق ميزة "Go Live Together" لبعض منشئ المحتوى

GMT 22:53 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

أرنولد يداعب نونيز بعد انضمامه إلى ليفربول

GMT 20:02 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

موضة خواتم الخطوبة لهذا الموسم

GMT 08:02 2022 الجمعة ,21 كانون الثاني / يناير

سؤالان حول مسرحية فيينا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib