قمر القرون الوسطى القمر في حياة البشر

قمر القرون الوسطى... القمر في حياة البشر

المغرب اليوم -

قمر القرون الوسطى القمر في حياة البشر

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

بصفتها محاضرة في اللغة الإنجليزية في أكسفورد، تهتم الدكتورة عيوش في المقام الأول بالتخيلات القمرية، لكنها تكتب أيضاً بشكل جذاب عن الأفكار العلمية المعقدة (والمتسقة بشكل مدهش) التي تدعمها. على الرغم من أن الناس في العصور الوسطى كانوا يعتقدون خطأً أن القمر كوكب، فإنهم فهموا أن ضوأه قادم من الشمس، واستخدموا الأسطرلاب والكرات الدوارة لتتبع حركاته، وكانوا قادرين على التنبؤ بالكسوف وتأثيره على المد والجزر. كما كانوا مفتونين بالطرق التي قد يؤثر بها القمر (باعتباره أقرب جسم سماوي إلى الأرض، وبالتالي الأكثر تأثيراً عليها) على حياة البشر.

كان هذا التأثير أكثر وضوحاً في ما يتعلق بصحة الإنسان الجسدية والعقلية على حد سواء؛ فقد كان المجانين يوصفون على نطاق واسع بأنهم «مجانين؛ أي مجانين في أوقات معينة من القمر»، بل إن بعض السلطات اقترحت أن خسوف القمر في مارس (آذار) 1345 كان السبب في انتشار الطاعون الأسود. ونتيجة لذلك، كان الأطباء يرجعون إلى جداول القمر قبل تحضير الأدوية أو إعطاء العلاجات؛ ففي بغداد كان الطبيب بختشو بي جبريل (تُوفي عام 780) لا يعطي الحقن الشرجية إلا عندما يكون القمر في حالة هبوط. وبعد ستة قرون، أوصى الجراح الإنجليزي جون أرديرن (وهو طبيب ماهر دعا أيضاً إلى استخدام التخدير وتسكين الألم وغسل اليدين) بأن «لا يجوز للجراح أن يقطع أو يحرق أي عضو من أعضاء جسم الإنسان، ولا يجري عملية فصد الدم، عندما يكون القمر في برج يحكم أو ينذر بهذا العضو».

في الواقع، كان بعض الناس ينظمون حياتهم بالكامل وفقاً لحركات القمر؛ إذ كانوا يستخدمون التنبؤات القمرية للتنبؤ بكل شيء؛ من مصير المولود الجديد إلى أفضل وقت لزراعة المحاصيل. حتى إن أحد النصوص الإنجليزية القديمة حدد الأنشطة المناسبة لكل يوم من أيام دورة القمر، مدّعياً أن الليلة الثانية عشرة هي الأفضل للسفر البحري والزواج، في حين أنه في الليلة الخامسة يمكن للرجل أن يسرق من دون أن يُقبض عليه.

بالطبع، قد يقترح أحد المتشائمين أن هناك تفسيراً أكثر بساطة لحظ السارق. الأدب في العصور الوسطى مملوء بالخدع في الليالي التي لا قمر فيها، وبالخطأة الذين أحبطهم قمر غير عادي في سطوعه – كما في قصيدة أب غويليم «القمر»، التي يلعن فيها رجل القمر؛ لأن ضوأه الساطع أحبط خطته لزيارة عشيقته. تذكّر هذه النكات الأدبية القارئ المعاصر بمدى التغير الذي طرأ على الأمور. وفي عالمنا المملوء بالكهرباء، لم نعد نعتمد على القمر كمصدر للضوء. ومع ذلك، عند قراءة هذه الدراسة الحساسة، من الصعب ألّا نشعر بارتباط عميق مع أولئك الذين كانوا ينظرون إلى السماء منذ زمن بعيد. لم تفقد هذه الكرة السماوية أي شيء من غموضها وجاذبيتها.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمر القرون الوسطى القمر في حياة البشر قمر القرون الوسطى القمر في حياة البشر



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 16:43 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء
المغرب اليوم - منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء

GMT 11:40 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
المغرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 19:13 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة
المغرب اليوم - ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة

GMT 17:33 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

باراغواي تعلن فتح قنصلية عامة في الصحراء المغربية
المغرب اليوم - باراغواي تعلن فتح قنصلية عامة في الصحراء المغربية

GMT 22:34 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

نتنياهو يؤكد أن قطاع غزة لن يشكل تهديدا لإسرائيل
المغرب اليوم - نتنياهو يؤكد أن قطاع غزة لن يشكل تهديدا لإسرائيل

GMT 16:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره
المغرب اليوم - الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره

GMT 17:49 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها
المغرب اليوم - بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها

GMT 19:34 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب
المغرب اليوم - الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب

GMT 15:55 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 02:18 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

سهام العزوزي تتوج بلقب مسابقة "ميس أمازيغ" في دورتها الخامسة

GMT 14:13 2016 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فرقة «رضا» تتألق في الأقصر عاصمة السياحة لعام 2016

GMT 23:59 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

تعرف على تفاصيل طلاق "أبو جاد" وزوجته سارة

GMT 19:07 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الكرنب يحتوي على مغذيات تحارب مرض الخرف

GMT 13:24 2019 السبت ,01 حزيران / يونيو

ودي تكشف عن موديلات S من سياراتها Q5 وA6 وA7

GMT 14:44 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

حرّاس صدام حسين يكشفون تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياته

GMT 07:20 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

الأغذية منخفضة الكربوهيدرات تسهم في علاج السكري

GMT 16:22 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

العروبة الإماراتي يتعاقد مع ياسين الصالحي لموسم واحد

GMT 20:51 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تستعد لتنظيم بطولة العالم للجمباز بمشاركة إسرائيلية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib