خوف الخندق

خوف الخندق

المغرب اليوم -

خوف الخندق

سمير عطاالله
سمير عطاالله

لا داعي لتكرار ما كتبه وقاله كثيرون، عن أن الجائحة غيّرت وألغت كثيراً من عاداتنا الطيبة. لم أكن أمرّ بأطفال في الشارع إلا وأمازحهم أو أتظاهر بأنني سأخطف الكرة التي يلعبون بها. الآن عليّ أن أعبُرَ إلى الرصيف الآخر لكي تطمئن الأم المرافقة إلى أن احتمال العدوى بعيد ولا داعي للخوف. عادات كثيرة وتقاليد كثيرة ألغت نفسها مكرهة.

أَحب تلك التقاليد كانت عيادة المرضى. تلك هي اللحظة التي يحتاجها المريض أكثر من أي وقت آخر. سأل فرنسوا مورياك، كبير كتّاب الصحافة الفرنسية، أحد الجنود خلال الحرب العالمية الثانية: ما الذي تخشاه وأنت في الخندق أكثر من أي شيء آخر؟ ذُهل عندما لم يكن الجواب، قذيفةً أو انفجاراً أو قصفاً جوياً. قال الجندي في حزن: أكثر ما أخافه هو الوحدة.
في الفترة الأخيرة غامرت مرتين بالذهاب إلى المستشفى لكي أعود اثنين من أصدقائي. في المرتين كان المشهد واحداً ومؤلماً. المستشفى خال من الزائرين ومليء بالمرضى ابتداءً من صالة الطوارئ. طبعاً السبب الأساسي هو الخوف من عدوى الوباء حتى لو كان المستشفى لا يستقبل مصابين.

زيارة المرضى كانت واجباً لا تقليداً. وللمريض الذي لا يُزار حق العتب. وكان من أجمل خصال الملك سلمان بن عبد العزيز أن يعود أصدقاءه ومعارفه في المستشفى. لكن وهو هناك، كان يطلب أن يُعطى أيضاً أسماء المرضى الذين يعتقد أنه يجب أن يعودهم.
يروي الدكتور أنور الجبرتي، المدير السابق لمستشفى «التخصصي»، أن المرضى القادرين على الوقوف، كانوا عندما يعرفون بوجود الملك سلمان، يقفون في أبواب غرفهم لإلقاء التحية عليه، وهم يجرون أنبوب المصل معهم.

ربما كانت تلك اللحظة هي أعمق لحظة يشعر فيها المرء بمدى أهمية أن يكون ملكه إلى جانبه. من المحزن أن يخرّب «كورونا» على الناس أيضاً هذه اللحظات النبيلة. ألا يكفي أنه حال دون العناق بين الأب وابنه، والمصافحة بين الصديق وصديقه، وأدّى إلى إلغاء الزيارات في المنازل والمكاتب، وأحال عظمة وعبق ورفاقية المدرسة إلى الكومبيوتر؟
أكثر ما يحتاج الإنسان إلى بادرة، عندما يكون في حالات ضعف. وأقسى هذه الحالات عندما يكون وحيداً، عندما قال جندي الخندق الذي مرت عليه شهور لم يرَ خلالها أماً أو أباً أو صديقاً. ألا فلتهلك الحروب والأوبئة... ولتحيَ القلوب الكبرى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خوف الخندق خوف الخندق



GMT 14:25 2025 الأربعاء ,27 آب / أغسطس

الصحيفة.. والوزير

GMT 19:42 2025 الأحد ,17 آب / أغسطس

إنذار جريمة طريق الواحات!

GMT 15:53 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

خريطة سعدون حمادي

GMT 15:34 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

مصر للطيران!

GMT 20:44 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

الطعن على الوجود

الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 16:36 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

عملية جراحية ناجحة للاعب الفتح أنس العمراني

GMT 08:53 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

إدماج المرأة الجميلة في التنمية!

GMT 14:17 2015 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

نصائح جمالية لصاحبات العيون المبطنة

GMT 08:40 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة السورية سارة نخلة تُشارك في مسلسل"هبة رجل الغراب 4"

GMT 02:49 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

النواصرة يستطيع تصميم أي مجسّم من الأسلاك

GMT 21:50 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الثلاثاء

GMT 00:49 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بن ثاير مدربا جديدا للترجي لكرة اليد

GMT 13:22 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت وأصول التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 18:11 2015 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حادث سير مروع تسفر عن مقتل عشريني في مراكش

GMT 13:03 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عطر "Rose Synactif Shiseido" يضم مزيجًا مميزًا لعاشقات الورود
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib