نعي الحياد على أشكاله

نعي الحياد... على أشكاله

المغرب اليوم -

نعي الحياد على أشكاله

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

خلال الحرب العالمية الثانية شمل العداء كل شبر من أوروبا، إلا السويد وسويسرا. كان يكفي أن تضع قدماً في السويد حتى تصبح محصناً لا يجوز لأحد أن يطلق عليك النار، أو أن يعتقلك إذا كان يطاردك، ربما كانت السويد أكثر دولة تنعم بالحياد منذ أن اجتاحتها الحروب النابوليونية أوائل القرن التاسع عشر. بعد الحرب، تمتعت فنلندا أيضاً بحياد عالمي. وبعد حرب ضارية مع الاتحاد السوفياتي أرغمتها موسكو على إعلان حيادها وعدم الانضمام إلى أي تحالف أوروبي أو أميركي.
الآن انتهى أشهر حياد أوروبي في التاريخ. رئيسة وزراء السويد ورئيسة وزراء فنلندا تطلبان الانضمام، ليس فقط إلى الوحدة الأوروبية، بل أيضاً إلى الحلف الأطلسي، وهو الوحدة العسكرية التي سبقت الوحدة الاقتصادية والسياسية.
لم يكن أحد يتخيل خروج السويد وفنلندا من الحياد، لكن الخوف من روسيا البوتينية الجامحة في جوارها الماضي جعل المستحيلات الأوروبية ممكنة جداً. ويشعر المرء بأن حرب أوكرانيا أسقطت فكرة الحياد حول العالم، بما فيها، الحلم الآسيوي الأفريقي في «الحياد الإيجابي»، الذي ظهر بعد موجة الاستقلال في القارتين.
أشياء كثيرة تتهاوى أمامنا في العالم القديم منها أيضاً الأمم المتحدة التي طالما عانت الضعف في المواجهات العسكرية لكنها الآن تعاني العجز الكلي. ومجلس الأمن غير قادر حتى على الخروج بقرار شكلي في الحد من النزاع المتصاعد. وذلك لأن الدولتين الكبريين متورطتان مباشرة في الحرب، وليس بالوساطة فقط.
صحيح أن الجنود الأميركيين لم يدخلوا أوكرانيا، لكن الكونغرس منح الأوكرانيين 40 مليار دولار لمحاربة الروس، والصواريخ الأميركية تعزز صمود الأوكرانيين في الجبهة. وكما أن العالم منقسم عسكرياً، كذلك هو منقسم سياسياً. ويشمل الانقسام الهند والصين. الثانية لغير سبب واضح، والهند بسبب العلاقات القديمة والمتينة مع الروس واعتمادها على السلاح الروسي.
يتأمل المرء هذه الجبهة الآخذة في الاتساع فتبدو فكرة الحياد مضحكة. هكذا بدا الممثل الكوميدي السابق فولوديمير زيلينسكي مضحكاً عندما افتتح مهرجان كان السينمائي هذا العام، ليس كممثل سابق، بل كأشهر مقاوم لموسكو منذ نهاية الاتحاد السوفياتي.
ولم تطمئن السويد وفنلندا (وسويسرا) يوماً إلى احترام الآخرين لفكرة حيادهما، فأرفقته دوماً بنظام تدريب دائم وتجنيد إجباري شديد.
لا مجال للحياد بعد اليوم. وأميركا تخوض حرباً معلنة مع روسيا والصين، وإن كانت غير مباشرة حتى الآن. ولافروف ذهب إلى مالي ثأراً من فرنسا. ودوائر الاستقطاب تتوسع. وسوف تبدو كلمات طوباوية مثل «الحياد» و«عدم الانحياز» قديمة مثل العصر الحجري.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نعي الحياد على أشكاله نعي الحياد على أشكاله



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 06:01 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

النجمة غادة عبد الرازق تنشر صورة تكشف إصابتها في قدمها

GMT 10:17 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 4

GMT 00:32 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

عموتة ينفي صلته بقرار إبعاد المياغري عن فريق الوداد

GMT 12:16 2014 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عروض الأفلام القصيرة والسينمائية تتهاوى على بركان الغلا

GMT 03:49 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

فاطمة سعيدان تكشف أن "عنف" استمرار لتقديم المسرح السياسي

GMT 07:51 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

Red Magic تطلق حاسوبها المحمول للألعاب Titan 16 Pro

GMT 13:10 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

نوال الزغبي بإطلالات مُميزة بالأزياء القصيرة

GMT 18:01 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"لامبورغيني" تفتتح صالة مؤقّتة في الدوحة حتى منتصف ديسمبر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib