ينابيع الصعيد

ينابيع الصعيد

المغرب اليوم -

ينابيع الصعيد

سمير عطاالله
سمير عطاالله

لا يمكن أن تقرأ «طبيب أرياف» للروائي الكبير محمد المنسي قنديل، من دون أن تخطر لك المقارنة مع «يوميات نائب في الأرياف» لتوفيق الحكيم. و«الأرياف» هنا، هي اسم واحد للريف المصري، الساحر والمسحور، الغامض والخشن والطيب والفروسي، والمتحول فجأة إلى غضب وثأر وعنف.

قدم توفيق الحكيم صورة انطباعية، ملونة، وجذابة، من وجهة نظر رجل القانون. «طبيب أرياف» (دار الشروق)، ليس فيها سحر الحكيم وجزالة أسلوبه. فالصورة التي يرسمها الطبيب والمؤرخ عن تجربته وأبحاثه ومشاهداته، تتطلب رسم صورة أكثر عمقاً وتأملاً وانخراطاً، من لوحة الحكيم، المعلقة على جدران البيوت والمدارس في عموم مصر.

لسبب لا أعرفه، لم يتم حتى الآن «تصنيف» محمد المنسي قنديل. لا في مصر، التي سارعت إلى تكريس علاء الأسواني، ولا في بقية العالم العربي، حيث يعامل قنديل كأديب من المقام الأول، لكنه في الحقيقة تجاوز ذلك إلى المقام الفائق وإلى مكانة عالية في الصناعة الروائية الإبداعية، إضافة إلى أعماله التاريخية الشديدة الإتقان.

«طبيب أرياف» قطعة كلاسيكية من الصعيد، الذي لا يسميه قنديل، وقرية من الصعيد لا يسميها أيضاً، ومدينة مجاورة، يتركها أيضاً من دون اسم. لكن كل عناصر المشهد الصعيدي الدرامي مرفقة بحياة الطبيب العازب: الطرق الترابية التي من دون مصابيح كهربائية، ونباح الكلاب في الليل البهيم، وخمول الوقت والحياة، العمدة، والمرأة الهاربة من حياة ظالمة إلى حياة خفية.
اختار الحكيم «القانوني» رسماً كاريكاتورياً متسارعاً، وسردية ضاحكة لحياة الريف. أما قنديل الذي ترك الطب من أجل الرواية، فسوف «يشرح» حياة الريف، ولا يترك شيئاً خلف الأقنعة والأحجية والملايات السوداء.

كثير من «طبيب أرياف» خيال، على الأرجح. أو ربما وقائع، أضاف إليها من شغفه الروائي وتجاربه في حياة الطب، التي انطلق منها كثيرون من أجل تحويلها إلى رواية أو مسرح، أو حتى قصة قصيرة، كما في حالة يوسف إدريس.

يختار قنديل لروايته الجديدة خاتمة درامية وقريبة من الاحتمال. والمتن السردي قريب من الاحتمال أيضاً، ولو في صعوبة، أو في شيء من الشك. والخلاصة في كل الأحوال عمل روائي فائق للقراء من دون أن يكون بالضرورة كذلك للنقاد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ينابيع الصعيد ينابيع الصعيد



GMT 13:16 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

حكومة فى المصيف

GMT 15:46 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

ترمب... وحالة الغموض

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

هند صبري.. «مصرية برشا»!

GMT 17:41 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

..وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى

GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 10:45 2025 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

تاه جاهز للعب مع بايرن في مونديال الأندية

GMT 15:33 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

استقرار مؤشرات الأسهم اليابانية في ختام التعاملات

GMT 10:19 2022 الجمعة ,18 شباط / فبراير

الرجاء المغربي ينهي استعداداته لقمة وفاق سطيف

GMT 13:30 2021 الثلاثاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"هواوي" تطرح أجهزة رائدة في السوق المغربية

GMT 07:05 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بعد إصابتها بـ”كورونا” الفنانة المصرية نشوى مصطفى تستغيث

GMT 13:00 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

أحدث صيحات فساتين الزفاف لعام 2020
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib