أصوات العرب حياة في الإذاعة وموت فيها

أصوات العرب: حياة في الإذاعة... وموت فيها

المغرب اليوم -

أصوات العرب حياة في الإذاعة وموت فيها

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كانت مصر هي الفن والسينما والمسرح، وبعد 23 يوليو (تموز) أصبحت هي السياسة أيضاً. وكان مستحيلاً على أي دولة عربية أخرى أن تلحق بها في كل هذه الحقول، لكن الانقلابيين الجدد تعلّموا منها أنه يجب أن يكون لدى الثورة من كل ذلك، الإذاعة على الأقل. ويُستحسن أن يكون بطل الثورة خطيباً مفوهاً كذلك. وعندما قام اللواء عبد الكريم قاسم بثورة 14 يوليو الدموية المجيدة، عام 1958، كان قد أعد سلسلة من الخطب «الارتجالية». وكلما جاءه وفد عربي يهنئه بالثورة المباركة، كان يسمعه تسجيلاً من الخطب العفوية.
رافقت الإذاعة وصول عبد الكريم قاسم إلى السلطة ونهايته في 8 فبراير (شباط) 1963. كان شريكه عبد السلام عارف هو من قرأ بلاغ الثورة من إذاعة بغداد. وكان هو أيضاً من حضر إطلاق النار عليه في مبنى الإذاعة. أما عبد السلام نفسه فقتل فيما بعد في سقوط طائرة هليكوبتر، وهي الطائرة نفسها التي قتل فيها فيما بعد وزير الدفاع خير الله طلفاح (عهد صدام حسين)، وقتل فيها كذلك وزير الدفاع السوداني الذي تزوج عمر البشير من زوجته في عرس حضره عشرة آلاف مدعو، كما يليق بأفراح الأرامل.
أدّى شغف عبد الكريم قاسم باللعبة الجديدة المعروفة بالراديو، إلى إحاطة حكمه بالكثير من الهزل. إضافة إلى خطبه الارتجالية، عيّن ابن خالته العقيد فاضل المهداوي رئيساً لـ«محكمة الشعب» التي كانت تذيع المحاكمات على الراديو مباشرة. وكانت المحاكمة تبدأ عادة بقصائد مديح في الزعيم، ثم ابن خالته. وكان المهداوي يرد على المديح شعراً هو أيضاً. ولعل أشهر مطلع حفظه العراق وسائر العرب: «ماكو زعيم إلا كريم». وكانت الجماهير تتجمع خارج المحكمة كي تصغي إلى المداولات عبر مكبرات الصوت وهي تهتف: اعدم. اعدم. الحبال موجودة.
وكانت المحاكمات تذاع أيضاً في المقاهي تقليداً لمقاهي مصر التي تنقل خطب عبد الناصر. لكن المشكلة أن المقهى كان يبقى هو نفسه فيما يتغير الخطباء والقضاة والزعماء.
تفرد العراق بالإصرار على الديمقراطية والقانون أكثر من سواه. وإذا كانت محكمة المهداوي أشهر محكمة إذاعية في تاريخ الراديو، فقد كانت محاكمة صدام هي الأشهر في تاريخ التلفزيون والنقل المباشر. حقّ الحق وزهق الباطل.
إلى اللقاء...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصوات العرب حياة في الإذاعة وموت فيها أصوات العرب حياة في الإذاعة وموت فيها



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أحلام تتألق بإطلالة ملكية فاخرة باللون البنفسجي في حفلها بموسم جدة

جدة - المغرب اليوم

GMT 01:04 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروب "كافي توبا" الحلال يحارب بطالة السنغال

GMT 17:36 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

التراس الرجاء البيضاوي تهاجم سعيد حسبان وتصفه بالخبيث

GMT 15:44 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الفيلا صديقة البيئة المكان المناسب لقضاء العطلة

GMT 09:02 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مليون زهرة شتوية تزين شوارع عنيزة في المملكة السعودية

GMT 03:18 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفيلم المغربي "عمي" خلال مهرجان "مشاهد عربية" في واشنطن

GMT 06:35 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين "أرامكو" و"غانفور" لشراء فرضة "ماسفلاكت" للنفط

GMT 19:03 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الوداد ينجّح في رفع عقوبة المنع من الفيفا

GMT 21:37 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يرتفع بدعم من ارتفاع الطلب وشح الإمدادات بأميركا

GMT 20:54 2023 الخميس ,18 أيار / مايو

البيض يتوقع الفائز بدوري أبطال أوروبا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib