نقاش مع زميلين كبيرين

نقاش مع زميلين كبيرين

المغرب اليوم -

نقاش مع زميلين كبيرين

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

تناول الزميلان البارزان، عماد الدين أديب «موقع أساس»، وممدوح المهيني «الشرق الأوسط»، النصيحة التي أعطاها وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر، إلى أوكرانيا، بالتنازل عن بعض أراضيها لروسيا من أجل وقف الحرب وحل المشكلة.
يعطي الزميلان صاحب النصيحة الأهمية لرجل بدأ حياته أستاذاً في هارفارد، ثم مستشاراً للأمن القومي، مضيفاً إليها وزارة الخارجية. وكان كيسنجر أسطورة سياسية من أساطير القرن الماضي، لقبه البعض مترنيخ (النمساوي). ورأى فيه البعض الآخر نسخة حديثة عن ميكيافيللي.
يعتبر الأستاذ أديب أن الأخذ بنصيحة كيسنجر هو الحل، استناداً إلى عدد من التجارب والنماذج، بينها رفض العرب فكرة التفاوض في القضية الفلسطينية. ويُعرب المهيني عن إعجاب بتاريخ كيسنجر الحافل، من دون أن يتبنى اقتراحه بشأن أوكرانيا.
الرجاء، أن تسمحا لي بنقطة نقاش، لا جدل. والخلاف في المنطلق. فأنا أعتقد أن كفاءات كيسنجر، أو سواه، لا تعني أنه على حق. نعم، هو صاحب رأي وشواهد ونماذج، لكن هذه لا تجعله صاحب حق. ويجب ألا يغيب عن بالنا أن الرجل أشرف على توسيع حرب الفيتنام إلى كمبوديا، وجعلها أكبر مصنع (ومعرض) للأطراف الاصطناعية في التاريخ. ولم يذهب بأميركا إلى مفاوضات باريس إلا بعدما أخذ الأميركيون يفرون من سايغون في مشاهد لا تُنسى. ولم تكن في أي حال سوى مفاوضات استسلام.
«سياسة الواقعية» التي طلع بها المفكر الألماني أوغست لودفيغ روشاد، منتصف القرن التاسع عشر، لم تصل كيسنجر إلا متأخرة كثيراً. ودعوته إلى التسليم بمنطق القوة وتسليم منح الأراضي المحتلة للمحتل لقاء التخلي عن بقية الأراضي، منطق واقعي فعلاً لكنه غير إنساني. حرر الفرنسيون بلادهم من الألمان، والأميركيون بلادهم من الإنجليز، والجزائريون بلادهم من الفرنسيين، والهنود من الإنجليز، والروس من النازيين، وفنلندا من الروس، والأمثلة كثيرة جداً.
من السهل على كيسنجر توزيع الأراضي وإصدار الصكوك من دافوس. لكن ربما أفضل له وللعالم، أن يقرأ تقارير الأمم المتحدة عن أن عدد المهجرين قسراً على هذه الأرض بلغ 100 مليون إنسان هائمين في الجوع وشتى أنواع المذلات.
ليس كيسنجر نموذجاً يحتذى. وسيرته طويلة، لكنها غير مشرفة. هذا الرجل شركة مساهمة تعمل في تجارة القوة. ومؤلفاته مجرد محاضر دوّنها معاونوه، وأضاف هو إليها بعض الفذلكات. تستحق الحياة، ويستحق هذا العالم، مفكرين يضعون الإنسان قبل أي شيء، وقادة مثل غاندي ومانديلا وديغول وأنجيلا ميركل وميخائيل غورباتشوف. طبعاً التفاوض أفضل من الحرب، لكن الحرية أفضل من الاحتلال، والحق أعظم من القوة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقاش مع زميلين كبيرين نقاش مع زميلين كبيرين



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 15:02 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا سعيدة بإهداء دورة مهرجان القاهرة السينمائي لشادية

GMT 01:36 2014 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"لارام" تلغي الخط الجوي الرابط بين الحسيمة والدار البيضاء

GMT 00:59 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

10 نصائح للفوز بفستان زفاف أنيق يوافق المرأة في سن الأربعين

GMT 23:42 2024 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

نيللي كريم تُصرح أن جائزة جوي أووردز كانت مفاجأة

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

إشبيلية يفشل في تأجيل سفر النُصيري

GMT 16:35 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ديكورات لحفلات الزفاف الخارجية لصيف 2023

GMT 23:09 2023 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

السعودية تجمع 10 مليارات دولار من إصدار سندات

GMT 16:37 2022 الأحد ,09 كانون الثاني / يناير

4 غيابات للأسود في أولى مباريات "الكان

GMT 21:54 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توقّعات العرّافة البلغارية العمياء بابا فانغا لعام 2021

GMT 22:53 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروغوياني يعلن إصابة لويس سواريز بـ فيروس كورونا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib