ماذا حدث لليسار

ماذا حدث لليسار؟

المغرب اليوم -

ماذا حدث لليسار

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

تخوض فرنسا في الربيع انتخاباتها الرئاسية في غياب الوجه التاريخي في كل انتخابات: اليسار! لم تكن تقوم معركة انتخابية، أو ثورة طلابية، أو حركة نقابية، إلا وقد ملأ اليسار صخباً. واليسار بالمعنى التقليدي هو مجموعة الشيوعيين والاشتراكيين والتروتسكيين والماويين، ومجموعة من الأسماء التي ظهرت واختفت بعد الحرب العالمية الثانية، قوة تلو الأخرى.
وكان اليسار «تقليعة» من العيب البقاء خارجها أو الخروج عليها. ولذلك، انتقى اليمينيون ألقاباً مقنعة كـ«الوسط» و«الخضر» كأقنعة لائقة، فيما لم يتردد رجل مثل جان بول سارتر في قيادة «الماويين»، وهم زمرة من أتباع ماو تسي تونغ و«الثورة الثقافية» التي تقول دوريس ليسينغ (نوبل 2007) إنها أدّت إلى مقتل من مليونين إلى 20 مليوناً من البرجوازيين والرجعيين والانحرافيين وأعداء الثورة!
غاب الماويون في غبار ماو الدموي، وغاب سارتر في غبارهم، بعد سيرة من مجد فرنسا الأدبي والفلسفي، واليساري. وبعده صعد الاشتراكيون ووصلوا إلى الرئاسة مع فرنسوا ميتران، ثم فرنسوا هولاند، ثم بهتت ألوانهم كما بهتت ألوان العمال في بريطانيا، وانكفأ اليسار كقوة أساسية في ألمانيا وإيطاليا.
مضى بعيداً جداً الزمن الذي كان فيه 5 ملايين فرنسي يقترعون لمرشح الحزب الشيوعي. ومضى الزمن الذي كان فيه الشيوعيون الإيطاليون يقفون دائماً على عتبة الحكم. ومضى الزمن الذي دعا فيه برتراند راسل العالم إلى اعتناق الشيوعية لئلا يدمّر الشيوعيون الكون، رافعاً شعار «الأفضل أحمر لا ميت».
كان راسل في البداية ألد أعداء الشيوعية. ولم يذهب رجل في مثل مقامه إلى حد القول إن كارل ماركس كان يعاني من اضطراب عقلي: «إن المعتقدات النظرية الشيوعية مستمدة في أكثرها من ماركس، واعتراضي على ماركس ذو شقين: فمن ناحية هو رجل مضطرب العقل، ومن ناحية أخرى كل فكره نابع من الحقد والكره».
ابتعدت أفكار ماركس قرنين في التاريخ. وابتعد معها اليسار المتشدد والنقاشات والجدل الفكري. وفي الماضي، كانت فرنسا من يثير هذا النوع من الصراع النخبوي. لكن فرنسا تتنافس اليوم مع أميركا على أسواق الطائرات المقاتلة من أبوظبي إلى أستراليا. حتى ديغول يبدو شبحه بعيداً. كأنما تسمية اليمين واليسار أصبحت في حاجة إلى إعادة نظر. شيء على غرار الليبرالية والخضر والوسط وما شابه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا حدث لليسار ماذا حدث لليسار



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:05 2025 الثلاثاء ,01 تموز / يوليو

ليونيل ميسى يدرس الرحيل عن إنتر ميامي

GMT 08:27 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib