ملاح البحار الصعبة

ملاح البحار الصعبة

المغرب اليوم -

ملاح البحار الصعبة

سمير عطاالله
سمير عطاالله

كانت الكويت أول دولة تعلن استقلالها في الخليج العربي وتنهي معاهدة الحماية البريطانية. وكانت أول هدية عربية في استقلالها مطالبة الزعيم الأوحد عبد الكريم قاسم بضمها إلى العراق. كان الامتحان صعباً ومريراً؛ لكن الكويت نجحت في التصرف كدولة، ومضت تبني نفسها وفق أصول الدول الحديثة والكيانات العريقة.

كان الشيخ عبد الله السالم رجلاً متنوراً أحاط نفسه برجال متنورين. وكان مدركاً أن أفضل حماية للدولة المستقلة استقرار داخلي وصداقات دولية متينة. في عملية البناء هذه، اختار جابر الأحمد لإرساء الصناعة النفطية، ثروة البلاد، واختار صباح الأحمد، لترسيخ دبلوماسية بارعة تبحر بالبلاد بين بحار العرب ومحيطات العالم.

كان صباح الأحمد، لأكثر من أربعة عقود، رجل الظل في الداخل، ورجل الضوء في الخارج، ماهراً في الإدارة وبارعاً في السياسة. وعندما باشر في إنشاء وزارة الخارجية وعملها ومؤسساتها، تصرف وكأنه يخطط لدولة كبرى. وهكذا فعلاً بدت صورة الكويت في الجامعة العربية، وفي الأمم المتحدة، وفي كل مؤسسة دولية أخرى.

وبسبب هذه الجدية المطلقة في العمل، استطاعت الكويت أن تقوم بدور الوسيط في قضايا العرب الشائكة، وهي كثيرة وأشواكها شتى. وبسبب مصداقيته وسعة صدره، أصبح صباح العرب وسيط العرب، يتطلعون إليه كلما وقعت أزمة أو اشتعلت حرب أو اشتد نزاع. وكان يحرص على أن يقوم هو شخصياً بالعمل الأساسي في كل وساطة.

احتلال العراق للكويت زعزع مصداقية العراق والثقة بالنظام العربي؛ لكنه لم يزعزع إيمان الكويت بعروبتها. عندما سألت الشيخ صباح عن مستقبل الدور، بعد تحرير الكويت، قال: لن نتخلى عن التزاماتنا لحظة واحدة؛ لكننا لن نُخدع بالوعود الكاذبة مرة أخرى. الكويت باقية كما هي.

عندما صار صباح الأحمد أميراً، كان قد أصبح وفي مسيرته سلسلة طويلة من الخبرات في الداخل والخارج؛ لكنه أصبح أكثر اقتناعاً بجدوى العمل الإقليمي ودور الخليج، أولاً في حماية نفسه، وثانياً في التعاضد العربي. وصار يرى أن انفلاش الاضطراب والأنانية والنفور بين العرب، عدوى لا بد من ردها عن الخليج؛ حيث يقيم الملايين، أربعة ملايين منهم في الكويت وحدها.
كرس الأمير وقته للداخل. كبرت تحديات الكويت وكبرت مسؤوليات الدولة، واشتعلت الأزمات في المنطقة العربية. والكويت التي شارك صباح الأحمد في بنائها وهي مليون نسمة أصبحت الآن ستة ملايين، كما أصبحت الدولة السادسة في إنتاج النفط، هذه الثروة التي أصبح من المحتم البحث عن بدائل مستقبلية لها. وهذه السنة، ربما للمرة الأولى في تاريخها، تواجه عجزاً في الموازنة ونقصاً في تسديد الرواتب، هي الدولة التي توظف نحو 90 في المائة من القوة العاملة، في نظام رعائي شبه كامل.

أخرج الشيخ صباح الكويت من أزمات كثيرة. ومثل أسلافه، أدار الحاضر وبنى شيئاً للمستقبل. كان بالغ الجدية في مسؤولياته وقريباً جداً من الناس، يتفقد أهل «الديرة» ويشاركهم أعيادهم ويواسيهم في أحزانهم. سوف يفتقدونه كما يفتقده عرب الحكمة والهدوء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملاح البحار الصعبة ملاح البحار الصعبة



GMT 14:25 2025 الأربعاء ,27 آب / أغسطس

الصحيفة.. والوزير

GMT 19:42 2025 الأحد ,17 آب / أغسطس

إنذار جريمة طريق الواحات!

GMT 15:53 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

خريطة سعدون حمادي

GMT 15:34 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

مصر للطيران!

GMT 20:44 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

الطعن على الوجود

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 22:07 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية
المغرب اليوم - سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية

GMT 22:34 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها
المغرب اليوم - إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها

GMT 20:41 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تشعر بالغضب لحصول التباس أو انفعال شديد

GMT 13:22 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

مانشستر يسعى للتعاقد مع فاران في أقرب فرصة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

تعرفي على طرق ترتيب المنازل الصغيره

GMT 03:36 2019 الإثنين ,15 تموز / يوليو

ديكورات شقق طابقية فخمة بأسلوب عصري في 5 خطوات

GMT 14:30 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حسن يوسف يشتري الورود لشمس البارودي في عيد ميلادها

GMT 08:07 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

اكتشفي منتجعات تضمن لك صيفا لا يُنسى
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib