مدرسة الحلاق

مدرسة الحلاق

المغرب اليوم -

مدرسة الحلاق

سمير عطاالله
سمير عطاالله

كان الراحل محمد يوسف نجم أستاذ الأدب العربي في الجامعة الأميركية - بيروت. وكان من ظرفاء العرب. ويبدو أن أحد تلامذته كان متأخراً جداً عن رفاقه، وكلما قدم له ورقة؛ شعر بالنقمة منه والحسرة عليه. وذات مرة جاءه الطالب يائساً وحزيناً، وقال له إنه يبذل أقصى جهده لكنه كلما جلس أمام الورقة والقلم يفيض بالكتابة من دون توقف، ثم يتبين له أنه لم يضع فقرة ذات قيمة. بماذا ينصحه؟

يقول الدكتور نجم إنه شعر بأنه يعطي أهم درس في حياته. قال له: اذهب غداً إلى حلاق الجامعة، وسوف يكون صالونه مزدحماً، وعليك الانتظار، لكن لا تفعل كما تفعل كل مرة؛ أي تنصرف إلى قراءة الجريدة أو المجلة في الانتظار، بل تأمل كيف يعمل. إنه يداعب المقص عشر مرات قبل أن يحدد خصلة الشعر التي سوف يقصها. وبعد أن يقطعها يتوقف ويتأمل موضعها. وبعد تأمل، يحدد حجم الخطوة التالية: المزيد من القطع أم مجرد تشذيب وتهذيب؟ لذلك سُمي المزين. والزينة هنا الاختصار. الزوائد لا قيمة لها. والإكثار غث، والتكرار عثار. ويوم كنت أنا طالباً (دكتور نجم) كان الأسلوب الذي تكتب به هو المطلوب؛ لأن الزمن كان بطيئاً، أما زمنكم هذا، فقد تغيرت حركته كثيراً. كانوا ينصحوننا بقراءة مصطفى لطفي المنفلوطي، والآن نحن ننهى عنه. وكانت الإطالة قدرة، فأصبحت مللاً. عندما تنتهي من وضع مطالعة ما، خذها معك إلى الحلاق وتأملها: هل فقرة الرقبة طويلة؟ هل فقرة ما خلف الأذنين مستديرة جيداً؟ وكيف سيكون المظهر النهائي؟

يكمل الدكتور روايته بأن تلميذه هذا كان آيديولوجياً معبأً بالحماسيات، يميل بصورة تلقائية إلى استخدام الخطابيات، فيما الموضوع المطروح هو المسرح الفكاهي في مصر. وبعد أن سمع نصيحة الدكتور نجم، وذهب إلى الحلاق، تغير أسلوبه تماماً. ومن ثم أصبح من كبار كتّاب الصحافة وأكثرهم شعبية. والأهم أنه أصبح من أقرب أصدقاء محمد يوسف نجم. وعندما كان يُسأل: أين تعلمت الصحافة؟ يجيب فوراً: عند الحلاق محمد يوسف نجم.

وما زالت القاعدة لا تتغير. غير أنها لا تنطبق على كل شيء. هناك مواضيع لا ترتوي مهما حفرت في ينابيعها. وهناك قضايا لا تنتهي مهما بحثت فيها. لذلك؛ الحلاق لا ينفع دائماً. أنت أحياناً في حاجة إلى أستاذ مثل محمد يوسف نجم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدرسة الحلاق مدرسة الحلاق



GMT 14:25 2025 الأربعاء ,27 آب / أغسطس

الصحيفة.. والوزير

GMT 19:42 2025 الأحد ,17 آب / أغسطس

إنذار جريمة طريق الواحات!

GMT 15:53 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

خريطة سعدون حمادي

GMT 15:34 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

مصر للطيران!

GMT 20:44 2025 السبت ,19 تموز / يوليو

الطعن على الوجود

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 22:09 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

سيلينا غوميز تحتفل بمرور عشر سنوات على ألبوم Revival
المغرب اليوم - سيلينا غوميز تحتفل بمرور عشر سنوات على ألبوم Revival

GMT 15:40 2017 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

جمهور "الرجاء" ضمن أفضل عشرة مشجعين في العالم

GMT 02:22 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "DFSK" تطرح السيارة "K01" في مصر بـ46 ألف جنيه

GMT 10:13 2023 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يُؤكد أنه يقف بنسبة 100 بالمئة إلى جانب إسرائيل

GMT 16:52 2022 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

منتخب البرازيل يعلن مدة غياب نيمار عن الملاعب

GMT 18:23 2022 الإثنين ,10 كانون الثاني / يناير

المغرب يعلن اكتشاف كمية مهمة من الغاز قبالة سواحل العرائش

GMT 06:33 2021 الثلاثاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تضاعف الاستثمارات الخارجية للمغرب 5 مرات مع نمو الصادرات

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib