بلاد الجسور

بلاد الجسور

المغرب اليوم -

بلاد الجسور

سمير عطاالله
سمير عطاالله

دعا الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القمة الدولية بمجلس التعاون في مدينة العلا بالمملكة، بينما العالم يودع سنة قاسية من سنواته، وبينما تستقبل العاصمة السياسية الكبرى واشنطن، رجلها الجديد. ربما لم يبدُ العالم منذ الحروب الكونية في مثل هذه الدرجة من التحول والغموض؛ لكن القادة العاملين أبداً بالحكمة وصفاء النفس، لا يتركون شيئاً للتأجيل، أو الفراغ. وكان مجلس التعاون وفكرته من أفضل ما حدث للأمة العربية برمتها. انصرف الخليجيون في البدايات إلى عمليات بناء توحيدية مشتركة لا مثيل لها.

ومنذ إقامة جسر الملك فهد 1986 إلى اليوم، عبره عشرات الملايين من الناس. وتساوت الدولة الصغيرة بالدولة الكبيرة في علاقات ومبادلات لا حدود لفوائدها. وكان من المفترض أن يكون الجسر مقدمة لجسور أخرى عبر الجزيرة العربية؛ لكن هذه المسيرة الآمنة والهادئة والمتواضعة، ما لبثت أن وجدت نفسها في مواجهة شتى أنواع العدوان والحروب والطموحات البدائية القائمة على الجهل والفظاظة والعجرفة المدمرة.

تطلع صدام حسين في بلاد العراق وأنهارها وسهولها ونخيلها ونفطها، فاكتشف أن كل ذلك لا يكفي إلا إذا ضم إليها الكويت والإمارات وما يليها. وتأملت إيران بلاد فارس وجبالها وامتدادها وثرواتها، وقررت أنه لا يزال يعوزها كثير من أرض جيرانها، وخصوصاً من سيادتهم واستقلالهم وكرامتهم.

لا يفهم المرء أن تنتهج إيران سياسة فيها كثير من موروثات الماضي الفارسي القائم على العدوانيات العسكرية في كل الاتجاهات، أو أن يحلم شاب شقي النشأة من تكريت بأن يصبح هو الإسكندر المقدوني الجديد، أو طارق بن زياد، أو من شاء لنفسه من قادة المسلمين. إليك ماذا فعلت رومانسيات الجهل بالأمة.

كان العرب يرَوْن في الخليج قوة هائلة النفوذ في دعم قضاياهم، وخصوصاً القضية الفلسطينية، إذ كلما كان المدار الدولي في حاجة إلى استراتيجيات الخليج، استطاع العرب الإفادة في الضغوط الدولية المطلوبة.

الذي حدث هو أنه لم يبقَ أحد من الزاعمين حق فلسطين وأعداء إسرائيل إلا وحاول التنكيل بهذه المنطقة التي كان لها مشروع واحد في جميع الاتجاهات: الجسور، ومزيد من الجسور؛ لكنها لم تلقَ سوى الابتزاز ومزيد من الابتزاز والتآمر. وفي المسيرة المقدسة إلى فلسطين والقدس، أراد الجميع أن يعرج على الخليج أولاً. وفقدت مصر نحو 60 ألف جندي في جبال اليمن قبل أن تبلغ مضائق تيران. وفقد الأردن القدس، وفقدت سوريا الجولان، أهم حاجز استراتيجي على الخريطة العربية. مضى الخليج في مسيرته يحقق أفضل تجربة عربية في العمران والاجتماع والتقدم. وليس من كتلة سياسية يفيد من نجاحها واستقرارها مثل هذا العدد من الناس. وليس من يعرف مدى ما استفاد العرب من فلسطينيين ومصريين ولبنانيين ويمنيين من الثروة التي تقاسمها الخليجيون مع سائر العالم، بينما كانت الدول الأخرى تصدر الوعود والزعيق ووصفات الفقر والتخلف.

في هذا الإطار التاريخي، يبرز الملك سلمان بن عبد العزيز، رجل العام، كما رجل كل عام، رمز العمران والسماح والوعي، ونموذج القائد الذي يميز مسيرته هاجس البناء والتطور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلاد الجسور بلاد الجسور



GMT 13:16 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

حكومة فى المصيف

GMT 15:46 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

ترمب... وحالة الغموض

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

هند صبري.. «مصرية برشا»!

GMT 17:41 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

..وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى

GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 10:45 2025 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

تاه جاهز للعب مع بايرن في مونديال الأندية

GMT 15:33 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

استقرار مؤشرات الأسهم اليابانية في ختام التعاملات

GMT 10:19 2022 الجمعة ,18 شباط / فبراير

الرجاء المغربي ينهي استعداداته لقمة وفاق سطيف

GMT 13:30 2021 الثلاثاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"هواوي" تطرح أجهزة رائدة في السوق المغربية

GMT 07:05 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بعد إصابتها بـ”كورونا” الفنانة المصرية نشوى مصطفى تستغيث

GMT 13:00 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

أحدث صيحات فساتين الزفاف لعام 2020
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib