مدن الإسلام بكاء الوقفة الأخيرة

مدن الإسلام: بكاء الوقفة الأخيرة

المغرب اليوم -

مدن الإسلام بكاء الوقفة الأخيرة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

إن فقدان القيروان كعاصمة لم يُغير نفوذها بأي شكل من الأشكال. فقد ظلت المدينة فكرياً بين أشهر المراكز في شمال أفريقيا، جذبت كثيراً من العلماء والفقهاء، وأطباء، ومثقفين، وأصبحت القيروان مركزاً مهماً للتعليم في المنطقة المغاربية، لا سيما في مجالات الفقه والقانون، وملتقى للشعراء.
مثّل الجامع الكبير في القيروان الإسلام المتسامح في المذهب المالكي، وقد استوحي تصميمه من المسجد الأقصى في القدس، وكان نموذجاً لكثير من المساجد الأخرى، لا سيما مسجد قرطبة الكبير. بقي لفترة طويلة مثالاً بارزاً للعمارة الإسلامية، بما تتمتع به من أناقة ودقة في التفاصيل وثراء من حيث المواد المستخدمة. عرف الجامع الكبير سلسلة من التعديلات، وصولاً إلى توسعته في عام 723 على يد الخليفة الأموي في قرطبة. ثم هدم في عام 774، ولم يبقَ منه سوى محرابه. وكانت إعادة الإعمار الأخيرة في 836. ثم تم كثير من أعمال الترميم والتوسعة، منها ما تم نتيجة الحرائق والدمار الذي ألحقه الخوارج.
ارتبط اسم غرناطة في ذاكرة إسبانيا الإسلامية والمسيحية بتاريخين حزينين: سقوط آخر ممالك الأندلس الجميلة في القرن الخامس عشر، وقتل غارسيا لوركا، أشهر شعراء إسبانيا في ثلاثينات القرن الماضي، برصاص الفاشية وجنود الجنرال فرنكو.
كان لوركا شاعر الأغنية والحرية، خصوصاً أغاني الغجر، ومنها «أنشودة القمر». ويخامرني شعور بأن عبد الوهاب البياتي استوحى منها عنوان تحفته «أنشودة المطر». ولا تزال مدينة «الرمان» هذه، التي يقال إن اسمها اشتق منها، مدينة القصور الإسلامية العظيمة، وأهمها وأجملها قصر الحمراء، الذي يجتذب كل عام العدد الأكبر من زوار الأندلس.
أشهر أشياء غرناطة كانت مواعيدها مع الأحزان والفقدان. وفي 2 يناير (كانون الثاني) 1492 يحب أبو عبد الله الصغير حصانه وأدار ظهره لقصر الحمراء ماضياً إلى منفاه، وإذ توقف الركب على تلة صغيرة وبدت له المدينة بجمالها وأمجادها، اغرورقت عيناه بالدموع، فارتجلت أمه عائشة بيت الشعر الخالد:
ابكِ مثل النساء ملكاً مضاعاً / لم تحافظ عليه كالرجال
وكان استسلام غرناطة منيعاً لحكايات كثيرة تغلب عليها الأسطورة بسبب هول الحدث عند المنتصر والمستسلم. وغادر أبو عبد الله الصغير نحو المغرب تاركاً خلفه نهاية أجمل الآثار العربية. وأخيراً استقر في فاس حيث قتل في نزاع مع أحد أقربائه. ومن بين ما أحيطت ذكراه من روايات واحدة وردت في صحيفة «لاستامبا» الإيطالية عام 2019.
ظلت مملكة غرناطة، بعد سقوط قرطبة (1236) وفالنسيا (1238) وإشبيلية (1248)، الناجي الوحيد من السلطة الإسلامية في أوروبا. ورغم تلك العزلة، فإن غرناطة صمدت في ذلك الزمن بقوة وحنكة دبلوماسية حتى عام 1492. خلال هذين القرنين، ورغم كل الصعوبات، حققت الحضارة الإسلامية روائع في غرناطة تجسدت في الموسيقى والأدب وفوق كل شيء الهندسة المعمارية.
إلى اللقاء...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام بكاء الوقفة الأخيرة مدن الإسلام بكاء الوقفة الأخيرة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:31 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً
المغرب اليوم - اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً

GMT 13:17 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
المغرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib