صفعة الأوسكار ومجزرة أنصار

صفعة الأوسكار ومجزرة أنصار

المغرب اليوم -

صفعة الأوسكار ومجزرة أنصار

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

ثمة ثلاثة انقسامات في العالم حول ثلاث قضايا: الأول بين مؤيدين لحرب فلاديمير بوتين في أوكرانيا وبين المعارضين. الثاني بين مؤيدي الممثل ويل سميث لإقدامه على صفع الممثل كريس روك خلال تسلمه جائزة الأوسكار، بعدما ألقى الأخير نكتة سمجة حول زوجة الفائز الحليقة الشعر بسبب معاناتها من مرض «الثعلبة». الثالث في بلدة أنصار اللبنانية، حيث أقدم وحش بشري على استدراج سيدة وبناتها الثلاث إلى عشاء وهمي، ثم قتلهن وقام بمساعدة شريك له، بدفنهن تحت طبقة من الإسمنت والحجارة.
واضح طبعاً تفاوت المسألة ما بين حرب شاملة، وصفعة ومجزرة بشعة، لكن سبب الانقسام واحد، وهو النظرة العامة إلى هذه الأحداث. ففي الحالة الأولى ينقسم الرأي العام حول الربح والخسارة بالمعنى السياسي، وليس بمعنى الحياة والموت والتشرد. وفي الحالة الثانية يرفض فريق كبير من الناس الإشارة إلى المرض على أنه إهانة لصاحبه. وفي الحالة الثالثة أظهرت الردود على مواقع التواصل أن عدداً كبيراً من المتوحشين يبحثون عن الأعذار للقاتلين. وهناك عدد أكبر لا يُظهر أي ردة فعل لمقتل في هذا الحجم وبهذه الطريقة. وما إن مضت أيام قليلة حتى نسي الناس ما حدث كما هي العادة في الجرائم الوطنية المقززة. وتحولت المسألة في الإعلام من ظاهرة تقتضي دراسة ما أصاب النفس اللبنانية من تجمد، إلى أخبار صغيرة تنتهك بكل برودة سمعة العائلة، وتطرح الأسئلة حول أخلاق القتيل، وليس أخلاق القاتل: والأكثر فظاعة من أي شيء هو موقف القضاء الذي حاول أن يلفلف المسألة على أنها مجرد جريمة عائلية لا أهمية لها.
الظاهرة المخيفة ليست في طبيعة الجريمة بقدر ما هي في طبيعة الناس. هنا يكمن القاسم المشترك بين الموقف من ضحايا الحرب، أو النظرة التحقيرية إلى المرض، أو قسوة القلوب التي تصيب المجتمعات بعد تعودها على أخبار القتل والجريمة واعتبارها جزءاً من الحياة اليومية العادية. منذ 1975 إلى الآن لم يتوقف خطاب الجريمة والقتل الجماعي والفردي. وقد صورت بعض القنوات التلفزيونية موكب الحزن في أنصار، على أنه فساتين زاهية الألوان وصور جذابة للصبايا الراحلات،العمل الصحافي حق في بعضه طبعاً. ومن قسوة الصحافة كما من قسوة المجتمعات، أنها تتسلى بأخبار الجريمة. ومن يدخل إلى أي مكتبة بريطانية كبرى، يرى أن جناح الجريمة هو الأكبر والأكثر شعبية. لكن هذا لا يعني أن المجتمع البريطاني يتساهل أمام الجريمة الفردية، أو أن الدولة تفعل ذلك، فالقاتل دائماً موثوق اليدين في نهاية الرواية. كل ما في جريمة أنصار مقزز، ومعيب ليس للقاتل، وإنما لكل من تعاطى بآثارها، أو من أدار ظهره لها باعتبارها نتيجة طبيعية للتكلس الوجداني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صفعة الأوسكار ومجزرة أنصار صفعة الأوسكار ومجزرة أنصار



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 13:17 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
المغرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib