مدن الإسلام الفسطاط

مدن الإسلام: الفسطاط

المغرب اليوم -

مدن الإسلام الفسطاط

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

لقد قام بزيارة «أم الدنيا» الرحّالة العراقي ابن حوقل مرتين في القرن العاشر، وأعجب بأسواقها ومراكزها التجارية، وحدائقها الخلّابة. وفي المرحلة نفسها جاءها المقدسي الذي وصف الازدحام فيها كأنه مثل الجراد، قائلاً إن الفسطاط تشبه بغداد في أوج عزها: «لست أعرف مدينة في كل العالم الإسلامي أكثر جمالاً. لقد تجاوزت الفسطاط بغداد. إنها مجد الإسلام والمركز التجاري للكون، بل هي أكثر عظمة من بغداد ومركز الشرق بأسره». وروى المقدسي أن أحد المصريين اقترب منه عند نقطة قرب النيل، وقال له: «هل ترى هذه السفن يا صاحبي؟ إن في إمكانها أن تنقل من مكان إلى مكان مدينتك بأهلها وبيوتها وبضائعها».
ما السر الذي كمن وراء هذه العظمة والازدهار السريع؟ هو بكلمة واحدة «التجارة». فخلال قرنين من الحكم الفاطمي من 969 إلى 1171 أصبحت الفسطاط والقاهرة الوسيط الأهم بالنسبة للغرب، ولاعباً رئيسياً في التجارة بين البحر الأبيض المتوسط والهند. في الدراسة التي كان موضوعها «القاهرة»، يلاحظ ماكس رودنبيك كيف أن تلك العلاقة التجارية التي امتدت عبر القارة أسهمت في تسلل مصطلحات التجارة العربية إلى اللغة الإنجليزية: هناك مثلاً «فوستيان» (ربما فسطان)، وهو قماش سميك من القطن العربي والكتان كان يصنع في الفسطاط. هناك أيضاً الدمياطي من دمياط، الدمشقي نسبة لدمشق، الغزاوي (أو الغزي) الذي كان يصنع في غزة، موسلين الموصل، والحرير المائي الآتي من حي العتابي في بغداد وكان يعرف بقماش العتابي. كان هناك الموهير الناعم والشيفون الرقيق، القميص، والوشاح، والترتر، والمرتبة والأريكة.
آنذاك كانت الشحنة الخارجة من الفسطاط تتكون من الجرار (البرطمانات) المعبأة بالكافور، أي الشراب أو الشربات، السكر والحلوى والتوابل مثل الكراوية والخروب والكمون وبذور السمسم، حمولة كانت تكفي لملء ترسانة، وتتطلب لا شك دفع تكلفة باهظة ما يستدعي أن يحمل قائد السفينة، التي تنقل تلك الحمولة الثمينة، رتبة عسكرية عالية.
في أوائل صيف عام 1183 وصل في الوقت المناسب ليرى المراحل الأخيرة من بناء تلك القلعة القوية كحصن منيع، والتي تم استكمال بنائها بسرعة فائقة. كونه مسلماً متديناً وملتزماً. شعر صلاح الدين الأيوبي بسعادة غامرة لرؤية أحدث مجموعة من الأسرى المسيحيين المقيدين خلف الجمال، وهم يسيرون من الإسكندرية إلى العاصمة المصرية، حيث سيعملون في أحد أعظم مشاريع السخرة في العالم خلال العصور الوسطى - ويرجح المقريزي أنه كان هناك 50000 سجين يعملون بالسخرة (كعبيد) في القلعة.
كانت القلعة تمثل واحدة من عجائب العالم، وكانت القاهرة الإسلامية تظهر مرة أخرى في عام 1167 قوة ومجد العقيدة والإيمان الحقيقي.
إلى اللقاء...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام الفسطاط مدن الإسلام الفسطاط



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:31 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً
المغرب اليوم - اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً

GMT 13:17 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
المغرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib