اختصاصنا تحويلُ الأخطاءِ خطايا

اختصاصنا تحويلُ الأخطاءِ خطايا

المغرب اليوم -

اختصاصنا تحويلُ الأخطاءِ خطايا

إياد أبو شقرا
بقلم : إياد أبو شقرا

صُدم كثيرون خلال الأسبوع المنصرم من كلام بنيامين نتنياهو، ووزيره المُوغل في التطرف بتسليل سموتريتش، عن إيمانهما الراسخ بحتمية تحقيق «إسرائيل الكبرى»، وسعيهما الدؤوب لترجمة «خارطتها» على الأرض مهما كان الثمن.

وغير بعيد عن «إعلان الحرب» هذا، بوغتنا باقتحام إيتمار بن غفير «الضلع الثالث» لمثلث التطرّف الإسرائيلي – بجانب نتنياهو وسموتريتش – زنزانة القيادي الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي وعرضه عدوانيته عليه.

هذه العربدة الفجة، التي لا تقيم وزناً لأي مواثيق في علاقات الدول المتحضرة، قد لا يجدها البعض مفاجِئة، إلا أنها في شكلها ومضمونها الراهنين، ومع ما تنذر به في المستقبل، صارت حقيقة واقعة. فنحن الآن إزاء حالة غير مسبوقة من الازدراء بالخصوم والشرعية الدولية والاستخفاف حتى بمشاعر ما تبقى لإسرائيل من «أصدقاء»، باستثناء الولايات المتحدة... طبعاً.

والمقلق أنه، مع إمعان متطرفي إسرائيل بهذا النَّهج العدواني السافر، لا تلوح في الأفق أي فرص أو احتمالات للردع. ففي ظلّ الواقعين الدولي والإقليمي، يستبعد أي مراقب عاقل تحركاً جديّاً لإنقاذ الشرق الأوسط من مخاطر الحرب والفتن والانهيارات المفضية إلى الفوضى.

خارطة نتنياهو - سموتريتش لـ«إسرائيل الكبرى» تشمل عدداً من الدول العربية، بعضها لا يتقاسم حالياً حدوداً بريَّة مع إسرائيل. أمَّا الدول الأخرى، فإما ارتضت بالتطبيع السياسي مع الدولة العبرية، أو اختارت التعايش بصمت مع هيمنة آلة الحرب الإسرائيلية التي تسرح قواتها وتمرح في أراضيها وأجوائها وأمام سواحلها.

لا شك في أنه من حق الدول العربية مناشدة المجتمع الدولي التدخل لمنع العدوان المخطط له - صراحةً - على سيادتها. إلا أننا لسنا في وضع طبيعي عندما تكون المرجعية العالمية الوحيدة عملياً...«الخصم والحكم» في آن!

من جهة أخرى، فإنَّ تهديد غلاة التطرف الإسرائيلي لا يقف عند الخرائط والتصريحات العنترية، بل ثمة واقع على الأرض تخلقه التطوّرات بسبب مزيج فظيع من المعطيات.

بدايةً، سوء «إدارة الأزمات» على المستويات المحلّية في عدد من الدول المستهدفة بالأطماع الإسرائيلية. وأي مراقبٍ أو محللٍ عاقل يدرك، في مثل هذه الظروف، أن أي أخطاء، سواءً في التقدير أو التنفيذ، ستصبّ حتماً في مصلحة التدخّل الإسرائيلي وأجنداته. وبناءً عليه، سيكون مِن المفارقات الفظيعة أن تخدم الرؤوس الحامية هذا التدخل، بل وتبرّره، من حيث تدري أو لا تدري...

ثانياً، ثمة «اختلال حسابات» و«إغفال تفاصيل» بمقاييس كارثية، على المستويين العربي والإقليمي، وبخاصة، لجهة ضرورة «احتواء» عَبَث بعض اللاعبين الإقليميين ورهاناتهم الطموحة.

والحال، أنَّه على الرغم من القوة النسبية لهؤلاء، وقدرتهم حتى الآن على «تحريك» الجهات المحسوبة عليهم، يجب أن يتنبّهوا إلى أنهم، من جهة لا يحتكرون أوراق اللعبة، ومن جهة ثانية لا يسيطرون على كل التفاصيل.

ثالثاً، هناك الالتباس في موقف واشنطن، تكراراً وتمادياً، وإرسالها إشارات خاطئة أحياناً... وسيئة التقدير غالباً، إلى كل من يهمّه الأمر. وما زاد الطين بلّة، التواضع النسبي في مستوى دراية أو خبرة أو صدقية الشخصيات الموكلة إليها تعقيدات المنطقة. إذ يرى كثيرون في مقاربات واشنطن اليوم توليفات غير ناضجة، وأحياناً متعارضة مع السياق التقليدي لتعاملات الإدارات الأميركية السابقة.

التباس الموقف الأميركي هذا - كما سبقت لي الإشارة من هذه الصفحة - أعاد فتح الأبواب أمام قوى إقليمية ودولية كانت قد بدت لفترة وكأنَّها خسرت، أو في طريقها لأن تخسر، أوراقها في عموم شرق المتوسط.

رابعاً، عودة إلى مسألة «سوء إدارة الأزمات»...

لقد اتَّضح أخيراً أن جهات دولية غربية متابعة للحالة الداخلية السورية لم تكن غافلة قط عما هو حاصل. ومن ثم، لم يكن دقيقاً الانطباع السابق عن «إطلاق يد غير مشروط». بل يبدو أن التطورات الأخيرة المؤسفة، خاصة، في شمال غربي سوريا وجنوبها، «حفّزت» عدداً من «اللوبيات» الخارجية على التحرّك دفاعاً عن مكوّنات داخلية ترفض هذه «اللوبيات» تهميشها أو قمعها.

خامساً، بالنسبة للوضع اللبناني، واضح جداً أن الأجواء الحالية في لبنان سيئة، لا سيما بعد الخطاب الناري الأخير لأمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، ضد تبنّي الحكومة السير قدماً في تدابير «حصرية السلاح»، أي نزع سلاح ميليشيا الحزب. وهنا تجدر الإشارة إلى أن مسألة نزع سلاح الميليشيات منصوصٌ عليها في اتفاقات «الوفاق الوطني» في الطائف. ولقد تكرّر التأكيد عليها، وعلى «حصرية السلاح» بيد الدولة، ورفض بقاء قرار السلم والحرب خارج سلطة الدولة.

غير أن ثمة طارئاً آخر، زاد بالأمس الأمور تعقيداً، وهو التهديد العلني ممَّن يصفون أنفسهم بـ«ذوي المسجونين السياسيين السنّة»، من داخل الأراضي السورية للسلطات اللبنانية.

هذا الموضوع الطارئ من شأنه اليوم إثارة إشكاليات مذهبية سنّيّة – شيعية هي آخر ما يحتاج إليه الوضع الهشّ في لبنان، وبالأخص مع وجود حشود عشائرية سورية مسلحة على الحدود اللبنانية، وحالة الاستنفار التي يعيشها «حزب الله»، وتخوّف باقي اللبنانيين من بقية صيف حارة تزيدها إسرائيل سخونةً.

أخيراً، فيما يخصّ الحالة الكردية، ثمة الآن شكوك وعلامات استفهام جدية على آفاق التفاهم وتخفيف التأزم. والعلاقة الكردية، السيئة تاريخياً مع تركيا، «غير شفافة» مع دمشق. وبينما لا تزال القبضة الكردية شرق الفرات تحظى بدعم واشنطن، فإن القيادة التركية المصرّة على تثبيت «الدولة المركزية» في سوريا... تسير باتجاه معاكس تماماً لما تراه دوراً «أقلياتياً» كردياً يهدد «مركزية» الدولة!

ألا يذكّر هذا الواقع الخطير بالأبيات الشهيرة لنصر بن سيّار الليثي:

أرَى خللَ الرمادِ وميضَ جمرٍ ويوشكُ أن يكونَ له ضِرامُ

فإنَّ النارَ بالعودينِ تُذكىَ وإن الحربَ مبدؤها الكلامُ

فإنْ لم تطفئوهَا تَجنُّ حرباً مشمّرةً يشيبُ لها الغلامُ

فقلتُ من التعجّب ليتَ شعري أأيقاظٌ أميّةُ... أم نيامُ

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اختصاصنا تحويلُ الأخطاءِ خطايا اختصاصنا تحويلُ الأخطاءِ خطايا



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - المغرب اليوم

GMT 16:43 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء
المغرب اليوم - منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء

GMT 11:40 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
المغرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 16:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره
المغرب اليوم - الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره

GMT 22:06 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الفيفا يهدد يإنزال الرجاء إلى دوري الدرجة الثانية

GMT 06:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض فني بمركز الأطفال المعوقين في عسير

GMT 01:55 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

العصبة تصدر عقوبات بالجملة في حق الأندية

GMT 19:17 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

تعرف على أفضل وأرقى المطاعم في العالم العربي

GMT 11:15 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

الحذاء "الكاجوال" وطرق تنسيقه مع الملابس

GMT 03:47 2018 السبت ,28 تموز / يوليو

تركيا تخشى تكرار سيناريوهات الجنوب الغربي

GMT 07:35 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

سعر سامسونج جلاكسي نوت 9 المنتظر

GMT 20:46 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

نبيل درار يفتح النار على الحكم الأميركي غيغر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib