الأزمة الليبية ما بين الإستيفانيتين

الأزمة الليبية ما بين الإستيفانيتين

المغرب اليوم -

الأزمة الليبية ما بين الإستيفانيتين

جبريل العبيدي
بقلم : د جبريل العبيدي

مثلما تكمن أزمة ليبيا في نخبها السياسية التي تطفو على سطح السياسة بالفشل والتناطح السياسي، تكمن نكبة ليبيا أيضاً في كفاءة المبعوثين الذين يُرسلون إليها وفيهم مَن في سيرته المهنية لم يحقق أي نجاح أو تقدم قيد أنملة في تسوية سياسية ناجحة، ولا كان علامةً فاصلةً في أي تسوية وحل أو تفكيك نزاع دولي بحجم كفاءة الجزائري الأخضر الإبراهيمي، الذي لم ترشحه الأمم المتحدة طيلة 13 عاماً من الأزمة الليبية، ولا فكرت في اختياره، بينما أصبحت الأزمة الدولية في ليبيا يتصدَّرها مَن هم في الصفين الرابع والثالث من المبعوثين كفاءة وخبرة، وكأن الأمم المتحدة لا ترغب حقيقة في تسوية الأزمة في ليبيا.

الأزمة الليبية اليوم ومرحلة أخرى ومبعوث دولي جديد، ستيفاني خوري، خلفاً لباتيلي الذي توسّطت ولايته ما بين الأميركيتين ستيفاني وليامز وستيفاني خوري، والأزمة الليبية تراوح مكانها، بينما كل مبعوث وآخر ينسب الفشل لليبيين، وكأنهم اللاعب الوحيد في الأزمة وليس هناك شركاء، بل ولاعبون محترفون في الأزمة الليبية من غير الليبيين، ويتجاهلون تقييم أداء المبعوثين الدوليين وفشل أغلبهم في إدارة الأزمة بالتورط في الانحياز.

التوصيف الصحيح هو «أزمة دولية في ليبيا»؛ لأن الأزمة ليست ليبيةً خالصةً، ولعل التوصيف الخاطئ للأزمة في ليبيا وراء الارتباك في تسويتها، وساعد على استمرار الأزمة وحالة المراوحة الحالية في بلد منقسم بحكومتين وبرلمانَين ومصرفين مركزيَّين، بل وطباعة عُملة شرقاً وغرباً، ومكّن المتدخلين من بعض الدول الإقليمية والكبرى المستفيدة من حالة الانقسام من منع أي تسوية تجمع الليبيين تحت حكومة واحدة وبرلمان موحد، بل إن هذا التدخل السافر منع الانتخابات في ليبيا تحت ذريعة «القوة القاهرة» التي يجهلها مَن أعلن عنها عندما أعلن تعليق الانتخابات في ليبيا تحت عناوين مختلفة تخدم جميعها حالة الانقسام والتشظي السياسي في المشهد الليبي الدولي على الأرض الليبية.

مواقف كثيرة تبنتها البعثة الأممية في ليبيا؛ نتيجة التوجيه الخاطئ بتقارير تُتَّهم بـ«المنحازة»، وفي اختيارات البعثة لممثلي لجنة الحوار السابقة التي ما غاب عنها محب أو صديق، بل وإخواني قيادي كبير تمت تسميته «عضو مستقل» ضمن لجنة الحوار، في استخفاف واضح بالتمثيل الحقيقي لليبيين في لجان الحوار التي نسّقتها البعثة الدولية دون معرفة المعايير التي تمّ من خلالها اختيار الأعضاء في لجان الحوار التي أنتجت وصوتت على إنتاج سلطة لإنجاز الانتخابات والمصالحة الوطنية في بضعة أشهر، ولا هي أنجزت انتخابات ولا هي تقدمت في ملف المصالحة، وبقيت في السلطة لسنين رغم انتهاء ولايتها الشرعية في ظل صمت الأمم المتحدة والبعثة الدولية اللتين لا تزالان تعترفان بحكومة منتهية الولاية حتى وفق اتفاق جنيف نفسه الذي أنتجها وليس فقط وفق سحب الولاية منها عبر البرلمان الليبي المنتخب.

السيدة وليامز تتجاهل سلسلة الفشل لدى البعثة الدولية في إدارة ملف الأزمة والمراوحة به في حالة الانقسام وتبادل الأدوار. تصف الليبيين بمسببي الفشل، فتقول وليامز: «الفشل الحقيقي هو فشل ليبي بامتياز ويخص النخبة السياسية التي لا تريد الانتخابات لسبب رئيسي واحد هو أنها ستخسر امتيازاتها»، صحيح أن جزءاً من كلامها صحيح وحقيقة ومسبب منفعة يرتجيها هؤلاء السياسيون الفاشلون في ليبيا، وحتى المواطن الليبي يعي ويعلم حجم ومدى فشل وفساد الطبقة السياسية في ليبيا، بل وموثق فسادها وفشلها بتقارير رسمية من ديوان الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة، التي فتح النائب العام التحقيق في كثير منها، بل وحبس وزراء ومسؤولين، ولكن الموضوع ليس فقط ظهور مليونيرات ليبيين كل يوم كما وصفهم المبعوث الدولي السابق، بل في التشخيص الخاطئ للأزمة السياسية في ليبيا وكـأنها ليبية خالصة بينما هي خليط من الأزمة الداخلية والتدخل الخارجي السافر في ليبيا، ورفع «فيتو» غير معلن من بعض الخمسة الكبار لعدم إنهاء أو تسوية الأزمة في ليبيا، بل الاستمرار في بقاء وضع المراوحة في الانقسام السياسي في ليبيا وحالة التشظي التي تستفيد منها القوى الإقليمية والأخرى المتدخلة، بل والمتصارعة بالوكالة على الكعكة الليبية، بينما الأمم المتحدة ومبعوثوها التسعة حتى الآن لا يزالون في حالة التجاهل التام لإرادة شعب ومكونه الحقيقي، والاكتفاء بالاستماع لممثلي «أحزاب كرتونية» لا تمثل 2 في المائة من شعب تمثله في الواقع قبائل وعشائر منذ مئات السنين، ولم يعرف تجربة الأحزاب ولا التنظيمات، خاصة المؤدلجة مثل إخوان البنا وقطب الذين تسللوا إلى المجتمع الليبي، تحت عباءة الوسطية التي تم النفخ فيها إعلامياً عبر منظومة الإعلام المضلل محلياً وإقليمياً، على أنهم أغلبية متلبسة بالوسطية التي تمثل غالبية الشعب الليبي لا غالبية تنظيم الإخوان في ليبيا.

أي مبعوث جديد ستبقى أمامه عقبات كثيرة، فالواقعية جزء من تفكيك الأزمة الليبية، فجمع الفرقاء يحتاج كثيراً من الجهد، قد يبدأ من داخل أروقة مجلس الأمن حيث أنتج قرار إسقاط الدولة الليبية عام 2011 وجمع المتخاصمين أوروبياً على الكعكة الليبية أو إبعادهم عن مكتب البعثة الدولية في ليبيا، حيث لا يزال التشخيص الخاطئ للأزمة في ليبيا قائماً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزمة الليبية ما بين الإستيفانيتين الأزمة الليبية ما بين الإستيفانيتين



GMT 15:42 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

سيارات على طريق القدس

GMT 15:40 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

اختفاء موسى الصدر... المجد للصحافة

GMT 15:38 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

قمة شنغهاي وإقامة نظام عالمي جديد

GMT 15:36 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

القرار والأخطار والمستشار

GMT 15:35 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

بيولوجيا السياسة... شي وبوتين

GMT 15:32 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

معادلة برّي: تطبيع ما هو غير طبيعي

GMT 15:30 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

طب الفاتيكان كمان وكمان

GMT 15:28 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

القضية فى ست كلمات

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 22:09 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

سيلينا غوميز تحتفل بمرور عشر سنوات على ألبوم Revival
المغرب اليوم - سيلينا غوميز تحتفل بمرور عشر سنوات على ألبوم Revival

GMT 15:40 2017 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

جمهور "الرجاء" ضمن أفضل عشرة مشجعين في العالم

GMT 02:22 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "DFSK" تطرح السيارة "K01" في مصر بـ46 ألف جنيه

GMT 10:13 2023 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يُؤكد أنه يقف بنسبة 100 بالمئة إلى جانب إسرائيل

GMT 16:52 2022 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

منتخب البرازيل يعلن مدة غياب نيمار عن الملاعب

GMT 18:23 2022 الإثنين ,10 كانون الثاني / يناير

المغرب يعلن اكتشاف كمية مهمة من الغاز قبالة سواحل العرائش

GMT 06:33 2021 الثلاثاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تضاعف الاستثمارات الخارجية للمغرب 5 مرات مع نمو الصادرات

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 06:05 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

أحذية رجالية بتصاميم استثنائية من "ستيف مادن"

GMT 20:18 2020 الإثنين ,27 إبريل / نيسان

مطعم أسترالي ينقل البيتزا بالطائرة دليفري
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib