المُجيب الآلي

المُجيب الآلي

المغرب اليوم -

المُجيب الآلي

إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

«لقد تعبتُ من الرَّنين المستمر لهاتفي. خذْهُ وَقُمْ بالرَّدّ على المكالمَات. كنْ أنتَ أنَا». هذَا ما يطلبه مسيو شوزين من الشَّاب باتيست. وشوزين روائيٌّ فرنسيٌّ شهيرٌ نالَ جائزةَ «غونكور». أمَّا باتيست فأفريقيٌّ يعيشُ على الهَامشِ. يعملُ ممثلاً هزلياً يقلّدُ المشاهيرَ في مسرحٍ صغيرٍ دون أن يفلحَ في تحصيلِ قوتِ يومِه.


يدخل الروائيُّ إلى المسرح ويشاهد استعراضَ الممثل. ينتهي العرض فيقف لينتظره عند باب الخروج. يبدي له إعجابه بموهبته ويعرض عليه أن يتقمَّصَ شخصيته، بالصوت فحسب لا بالصورة. سيدفع له نقداً المبلغ الذي يطلبه مقابل أن يخلصَه من رنين الهاتف الذي لا يتوقف. من ملاحقة الصحافيين والناشرين، ومن إلحاح طليقته ونزوات ابنته الوحيدة. الشرط الوحيد أن يبقى الاتفاق سراً بينهما. هذه هي فكرة الفيلم الفرنسي الطريف «المُجيب الآلي».

بعد تفكيرٍ وتجاربَ صوتيةٍ يقرّر باتيست أن يقبلَ العرض. يناوله شوزين هاتفَه ويحتفظ بهاتفٍ ثانٍ لا يعرف رقمَه أحدٌ، مخصصٌ للاتصال بينهما. كما يعطيه دفتراً سجّل فيه أسماء معارفه وأقربائه الذين يتَّصلون به في العادة: والده العجوزُ معلم اللغةِ الذي يسخر من أخطائه في الكتابة. ابنتُه التي تحلم بأنَّها ستصبح رسامة دون أن تقترب من الريشة. طليقته التي تطالب دائماً برفعِ مبلغ النفقة. حبيبته التي هجرته لأنَّه كذبَ عليها... وهناك أيضاً وكيل أعماله ثم ناشره وكثيرٌ من المتطفلين والقراء الذين يلاحقونه.

يتفرَّج باتيست على كلّ المقابلات التلفزيونية للروائي. يتمرَّن على نبراتِ صوتِه وطريقتِه المتعاليةِ في الكلام. يكتشف دنيا أخرى ووسطاً برجوازياً لا يعوزه شيء ويتأفَّف من كلّ شيء. أمَّا الروائي فيخلدُ إلى بيته مستريحاً. يشربُ نبيذَه ويستمع إلى الموسيقى. يفتح حاسوبَه ليبدأ كتابةَ روايةِ جديدة. لن يُقلقَ هدوءَه أحدٌ.

كانَ يمكن لمخرجة الفيلم فابيان غودو أن تقعَ في فخّ الكوميديا السَّهلةِ المسطَّحة. لكنَّها نجحت في نسجِ حالةٍ إنسانيةٍ مؤثرة. فيلم يقومُ على رجلين اثنين متناقضين. خمسيني أنيقٌ مثقَّفٌ وعصبيٌّ معتادٌ على تلقِّي الإطراء وعشريني سمينٌ أسودُ، يستعير قمصانَه من مخزن المسرح. يعود مساءً إلى غرفتِه ويفتح ثلاجتَه فلا يجد فيها ما يؤكل.

لكنَّ الممثلَ الموهوب الذي فقد أباه وهو طفل، تعلَّم من أمّه أن يفرحَ بالحياة. وبهذه الرُّوحِ يتوصَّلُ إلى حلّ مشكلات الروائي مع أقربائه. يقنعُ الحبيبةَ الهاجرة بأنَّه نادمٌ على فراقها وما زالَ يحبُّها. يحلُّ مشكلةَ الطليقة بالتي هي أحسن. يتفاهمُ مع النَّاشر ويعيدُ الأمورَ إلى نصابها. والأهمُّ أنَّه يعزّزُ ثقةَ الابنةِ بنفسِها فتبدأ بالرَّسم.

هل يمكن للخدعةِ أن تستمرَّ حتى النهاية؟ تقع بنتُ شوزين في حبّ باتيست وتنكشفُ المؤامرة. لكن المتفرجَّ يتمنَّى ألَّا تنكشف لكي تستمر متعةُ الأداءِ الجميل. «سالف سيسيه» في دورِ الممثل، والقديرُ «دوني بوداليدس» في دور الروائي. إنَّ من الأفلام ما ينعشُ الأرواح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المُجيب الآلي المُجيب الآلي



GMT 15:28 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مسلم ــ شيوعي ــ يساري

GMT 15:24 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مَن يعبر مِن حرائق الإقليم؟

GMT 15:23 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

«الثنائي الشيعي» و«كوفيد ــ 26»

GMT 15:21 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

قتل العلماء أو قتل القوة؟

GMT 15:20 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

الغباء البشري

GMT 15:19 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

صلاح ومحمود «بينج بونج»!

GMT 10:39 2025 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

برشلونة يقترب من غارسيا ويطالب شتيغن بالرحيل

GMT 06:41 2013 السبت ,06 تموز / يوليو

"آبل" تعتزم الكشف عن هاتف "أي فون" رخيص الثمن

GMT 11:36 2013 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

"أستون مارتن رابيد إس" تتفوق في الاختبارات

GMT 07:11 2014 الجمعة ,21 شباط / فبراير

استغلال الأطفال في تجارة المخدرات في السويد

GMT 18:28 2012 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

لم أوجه أية إساءة لـ"الشحرورة" في "كاريوكا"

GMT 15:58 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حلوى القلوب الحمراء بالشوكولاتة

GMT 21:20 2015 الثلاثاء ,22 أيلول / سبتمبر

إنتاج الشمندر السكري في المغرب يسجل رقم غير مسبوق

GMT 16:33 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

النصائح للاحتفاظ بعبير عطرك لفترة أطول

GMT 15:23 2021 الأحد ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن براءة اختراع لهاتف "آيفون" شفاف بشاشتين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib