قسمةُ ملايين

قسمةُ ملايين

المغرب اليوم -

قسمةُ ملايين

إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

كثيرةٌ هي النصائحُ التي تحذّرُنا من بلطجيَّةِ وسائلِ التواصل. رسائلُ مزعومةٌ من البنكِ أو من مصلحةِ الضرائبِ أو شركةِ الهاتف، الهدفُ منها الحصولُ على رقمِ حسابِك للسَّطوِ على رصيدِك، سواء أكانَ عامراً أم ضامراً. ورغمَ التحذيراتِ المتكررةِ فإنَّ هناك من يقعُ في الفخّ. إذْ يظنُّ الطيّبونَ أنَّ العالمَ مؤلَّفٌ منَ الصَّادقينَ على طولِ الخط. يَفترضُونَ حُسنَ النّيَّةِ وَيقعُونَ فِي الغَفلةِ، وهيَ من أخَواتِ السَّذاجَة.

يحدثُ أن تتلقَّى رسالةً مزيفةً من صديقٍ تعرفُه يخبرُكَ بأنَّه مسافرٌ في تايلاند وقدْ أضاعَ محفظتَه. ليسَ معه سِوى رقمِك. ويطلبُ منك أن تحوّلَ له مبلغاً على الحِساب الفلانِي. لكن تلك صارتْ خدعةً قديمةً مكشوفة. والأحدثُ منها: التَّسوُّلُ الإلكتروني. يكتبُ لكَ أحدُهم ليخبرَك بأنَّه يعيلُ عائلةً كبيرة في الكونغو أو زائير. وهو يناشدُ مروءتَك لإطعامِ أطفالِه. وتقولُ لنفسِك: لو كانَ الجوعُ رجلاً لقتلتُه. وهناكَ من يستغلُّ مأساةَ غزةَ، ويستصرخُ ضميرَكَ لترسلَ له مساعدةً على حسابٍ مجهولٍ في الأردن.

تَعدَّدتِ الوسائلُ والاحتيالُ واحدٌ. وصلتنِي قبلَ أيامٍ رسالةٌ لطيفةٌ من السَّيدة أوزوسكا إبرو. هكذا قدَّمتْ لِي نفسَها. كتبتْ تقولُ: «أعرضُ عليكِ صداقتِي وآملُ أن تتقبَّليني بصدرٍ رحب. لقد تشجَّعتُ للتواصلِ معكِ لمعرفة أفضلِ السُّبلِ لمساعدةِ بعضِنا بعضاً. أنا موظفةٌ مصرفيةٌ في بنكِ أضنةَ قيصري التركي. وكانَ لدينا مواطنٌ من بلدِكمْ يحملُ لقبَكِ ذاتَه، يعملُ في تجارةِ الذَّهبِ هنا في إسطنبول، ولديهِ وديعةٌ ثابتةٌ لدى مصرفِنا قدرُها 9.300.000 دولارٍ أميركي (تسعةُ ملايين وثلاثُمائةِ ألفِ دولارٍ). للأسف، كانَ عميلُنا من بين ضحايا الغزوِ الرُّوسي لأوكرانيا؛ حيث تُوفّيَ في 27 فبراير/شباط 2022 في رحلةِ عملٍ بمدينةِ كييف».

أفهمُ من الرّسالةِ أنَّ المرحومَ فلانَ الفلاني لم يحددْ أياً من أقاربِه عند فتحِ الحِساب. ولم يكنْ متزوجاً وليسَ لديه أبناء. والمُهمُّ أنَّ إدارةَ المصرفِ لم تعلمْ بوفاتِه بعد، باستثناءِ صاحبةِ الرسالةِ التي هي الموظفةُ المسؤولةُ عن حسابِه. وفِي الختامِ تَعرضُ عليَّ أن تقدمَني للإدارةِ باعتباري أقربَ أقرباءِ العميلِ المتوفَّى، لأنَّ اسمَ عائلتينَا واحدٌ، وبهذا سيتمُّ تسليمِي المبلغَ الذي سنتقاسمُه بالتَّساوي بيننَا (بيني وبين أوزوسكا). سيهبطُ عليَّ منَ السَّماءِ أكثرُ من 4 ملايين (من الأوراقِ الخضراء).

بعد ساعاتٍ عادتْ صاحبةُ الرّسالة وكتبتْ لِي معاتبةً، لأنَّني لم أهتمَّ بعرضِها. لقد توقَّعتْ منّي أن أبعثَ لها تفاصيلَ حسابِي على الفور قبلَ ضياعِ الملايين. وهكذَا وجدتْ أنَّ من اللّياقةِ أن أقابلَ كرمَهَا الحاتميَّ بردٍّ مُناسِب: «عزيزتي أوزوسكا. أشكرُكِ على رسالتِك التي جعلتنِي أطيرُ من الفَرح. لكنَّ المشكلةَ أنّني لستُ الوحيدةَ التي تحملُ هذا اللقب. لهذَا كتبتُ إلى أخِي وشقيقاتي وأبناءِ عمومتِي وأبنائِهم وأحفادِهم لكي نتقاسمَ التَّركةَ سويَّاً وفقَ الشَّرعِ والقَانون. وأنَا أنتظرُ جوابَ كلّ واحدٍ وَوَاحدة. وطبعاً فإنَّ حصتَكِ محفوظةٌ. تشكّرات خانم».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قسمةُ ملايين قسمةُ ملايين



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - المغرب اليوم

GMT 16:43 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء
المغرب اليوم - منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء

GMT 11:40 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
المغرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 16:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره
المغرب اليوم - الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره

GMT 22:06 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الفيفا يهدد يإنزال الرجاء إلى دوري الدرجة الثانية

GMT 06:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض فني بمركز الأطفال المعوقين في عسير

GMT 01:55 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

العصبة تصدر عقوبات بالجملة في حق الأندية

GMT 19:17 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

تعرف على أفضل وأرقى المطاعم في العالم العربي

GMT 11:15 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

الحذاء "الكاجوال" وطرق تنسيقه مع الملابس

GMT 03:47 2018 السبت ,28 تموز / يوليو

تركيا تخشى تكرار سيناريوهات الجنوب الغربي

GMT 07:35 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

سعر سامسونج جلاكسي نوت 9 المنتظر

GMT 20:46 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

نبيل درار يفتح النار على الحكم الأميركي غيغر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib